فاطمة البنوي بمناسبة يوم المرأة العالمي تشارك رؤيتها لعالم السينما
فاطمة البنوي يكمن لديها حب وتقدير للنساء اللاتي يساهمن في خلق مساحات كبيرة ومؤثرة لغيرهن في مجال العمل السينمائي، سواء خلف الكاميرا أو أمامها، لأني أؤمن أن لهذه المساحات امتداد يصل إلى الحياة ولا يقتصر على المجال فحسب.
فاطمة البنوي ترى أنه من الممكن جدًا لكل واحدة منا أن تحقق الكثير بمفردها، إلا أنه يمكننا الوصول إلى ما هو أبعد وأعمق وأكثر من ذلك إذا ما تعاونا سوياً وعملنا بشكل جماعي على خلق المساحات والروايات والحكايات.. وتقول: “لدّي يقين أن المرأة التي تمتلك الإصرار والقوة على خلق هذا لنفسها، سيكون لديها الشجاعة والمقدرة التي تمكّنها من دعم النساء الأخريات لتحقيق ذلك أيضًا بدون تردد. أتمنى أن أستطيع أن أكون من هذا النموذج للسيدات من حولي.” دخلت عبر منصة نتفليكس إلى الكثير من البلدان الذين أحبوا الأدوار التي لعبتها.
الأفلام التي نالت إعجاب فاطمة البنوي
من الأفلام التي أحبتها مؤخرًا، فيلم LADYBIRD للمؤلفة والمخرجة “غريتا غيرفيج” وCODA من تأليف وإخراج “سيان هيدر”، وANOTHER ROUND لـ “توماس فينتربيرج”، وجميعها كانت مؤثرة وملهمة وقد لامست قصصها الشخصية الصادقة عن أناس تقليديين قلوب المشاهدين في جميع أنحاء العالم. كما أحبت فيلم “مندوب الليل” للمخرج “علي الكلثمي” وفيلم “بنات ألفة” لـ “كوثر بن هنية”، وأحسبه فيلم ذكي ومتفرد إذ يتعمق في جوانب مختلفة من قصة “ألفة الحمروني” وبناتها الأربعة، فيأخذنا في رحلة حميميّة معهما تتضمن مزيجًا من الأمل والتمرّد والأخوة والتسامح.
وتضيف: “أحببت فيلم “سكر بنات” (كراميل)، وهو أول فيلم روائي طويل للمخرجة اللبنانية “نادين لبكي”. عندما شاهدته لأول مرة عام 2008، أعجبني جداً بحبكته التي تدور حول مجموعة من النساء والعلاقات الصداقة التي تجمعهن. الفيلم خلق بداخلي وقتها شعوراً بالأمل حول المستقبل المشرق للسينما العربية ودور المرأة العربية في بلورة هذا المستقبل. ومع أن “سكر بنات” يتميز بالبساطة وبأبطاله العاديين الذين يشبهون الكثير، إلا أنني أحببت أيضًا فيلمها الأخير “كفر ناحوم”، الذي يتناول مأساة إنسانية غير عادية. وهذا المزيج بحت ذاته ملهم بالنسبة لي؛ أن يتمكّن شخص واحد من خلق مثل هذا التنوع في أعماله مع الاحتفاظ بالصدق والقوة والواقعية في جميعها.”
المخرجات المفضلات لدى فاطمة البنوي
ترى فاطمة البنوي أن كل من “نادين لبكي” و”غريتا غيرفيج” برعتا في تغيير النمط السائد في تصوير النساء في الأفلام. “أُحب أسلوب لبكي في تصوير الحياة اليومية في ظل ظروف غير عادية من حرب وفقر وتقصير في الرعاية الاجتماعية، وفي كل مرة من منظور مختلف، بينما تعجبني طريقة “غريتا” في التدريج الذي تميزت له أعمالها: من فيلم فني مستقل يعكس معاناة امرأة في LADY BIRD، إلى محاكاة حديثة وعصرية لفيلم تاريخي في LITTLE WOMEN، وأخيرًا لجمهور شاب معاصر بفيلمها Barbie الذي أعاد طرح موضوع ظن الجميع أنه على دراية به ولكن بأسلوب ممتع وسلس، مفعم بروح الدعابة والسخرية.” فبالنسبة لها كلا المخرجتين نجحتا بجدارة في الخروج من إطار العمل الفني المستقل النخبوي إلى عالم سينمائي رْحَب يجذب إليه الجمهور الكلاسيكي والمعاصر على حد سواء.
مع من ترغب فاطمة البنوي العمل
فيما يتعلّق بالمخرجات، تتمنى النجمة الشابة العمل مع “كوثر بن هنية” والمخرجتين السعوديتين الناشئتين “سارة مسفر” و”جواهر العامري”، فجميعهن يتناولن بكل إبداع وسلاسة الأعراف والتقاليد ويناقشنّ مواضيع صنّفها البعض على أنها “عيب” بكل براعة.
ومن الممثلات، تتمنى أن تحظى بفرصة العمل مع زميلاتها المبدعات من المملكة العربية السعودية أمثال “ميلا الزهراني” و”سمر شِشّة” و”أضواء بدر”. أما عربيًا فتتمنى العمل مع النجمة “منى زكي”.
فاطمة البنوي والسينما
تحكي فاطمة البنوي عن نشأتها وتقول :”منذ أن وعيت وأنا منغمسة في الحكايات وكأني أسيرة لها، وكان أول راوي في حياتي هو جدي وجدتي، اللذان ذهبا بي بحكاياتهم إلى ماضٍ انتميت إليه من خلالهما، وإلى جذوري ومسقط رأسي ومدينتي جدة. ومن ثم جاءت دراستي في الخارج التي جعلتني أشتاق إلى موطني، منبع القصة لدي. لم أدرك حينها أهمية القصة بل أهمية أن يروي القاص قصته بصوته، خاصة وسط أصوات الإعلام والأفلام الأجنبية التي لعبت دور كبير في رسم صورة نمطية عن مكان أحببه فغرت عليه. وحينها وجدت في الأفلام التي اعتدت منذ طفولتي مشاهدتها شيئا أكبر من الترفيه. آمنت حينها أنها مثلت لي عالماً موازياً، عالم صنعني، جعل لي رأياً لا أخجل من التعبير عنه. أردت أن أصنع أعمالا سينمائية تؤثر في الآخرين كما أثرت في نفسي تلك. فاليوم لا أحتاج إلى أن أسافر إلى أرجاء الأرض ليتعرف الناس على فاطمة – إحدى النساء السعوديات الطموحات – لأن هناك بركة وندى وسمر وعالية ومريم وآلاء وبسمة اللاتي يسافرن بقصصهن إلى شاشات العالم”
وترى فاطمة أن “الفن القصصي” له أولوية عندها، لذلك أسست مشروع “القصة الأخرى” إلى جانب عملها السينمائي، فنزلت به إلى الشارع بمدينتي جدة ودخلت به العديد من الأماكن؛ مثل المقاهي والجامعات والمعارض والبازارات والبيوت، للقاء من يقبل أن يحكي لها قصته. وقد جمع المشروع ما يقرب من أربعة ألاف قصة في وقت كان فيه الفضاء العام في مدينتي أشبه بالمعدوم وفي وقت كانت فيه حواجز الخصوصية مرتفعة. ولكنها تمكنت من نشر كتاب “القصة الأخرى” عام 2022 الغني بمجموعة قصصية نادرة تحكي أشكالا وألوانا من التجارب.
لحظات صعبة في حياة فاطمة البنوي المهنية
على الرغم من أن الأمور لم تكن سهلة إلا أنها تعتبر نفسها محظوظة. ورغم أني بدأت مسيرتها المهنية في السينما في وقت كانت فيه الموارد والفرص محدودة للغاية وأشبه بالمعدومة، إلا أن هذا هو بالضبط السبب الذي يجعلها تعتبر رحلتها مميزة للغاية. وتقول: “أننا – كمبدعين وصانعي أفلام – محظوظين جدًا لحصولنا على أقصى قدر من الدعم في بلدنا.”
وقد استغرق الأمر منها بعض الوقت لتفهم أنه من الممكن أن يكون هناك أبواب متعددة لتحقيق أهدافها، فإذا أغلق باب واحد، لا يجب أن يشعر المرء باليأس، بل يجب ليه أن يبحث عن آخر ويفتحه. كما اشارت أنه أنه من الممكن أن يكون هناك مسارات متعددة لتحقيق الحلم، فإذا لم يوجد مسار، لا يجب أن نيأس، بل نختر مسار آخر ونسعى إلى تمهيده . لكنها لم تدرك أن كل الأبواب يمكن أن تفتح دفعة واحدة مع أول تجربة إخراجية لها في فيلمي “بسمة”، حيث عملت فيه كممثلة وكاتبة ومخرجة ومنتجة. وعلى الرغم من كل التحدّيات، إلا أنها تكنّ الفضل لفريق من المبدعين الطموحين والمجتهدين الذين اجتمعوا معها لتحقيق الرؤية.
مستقبل المرأة في صناعة السينما
تقول فاطمة البنوي :” يتم بالفعل ترجمة أحلامي إلى واقع نعيشه سويًا اليوم، إذ أصبحنا نرى تمثيلاً رائعًا للنساء بعد أن تمكنّ من تولي عجلة القيادة في صناعة السينما وفي الفن بشكل عام. ولكن بالنسبة لي، لا يقتصر الأمر على رؤية قصص نسائية على الشاشات فحسب، بل يتعلق الأمر بالعدسة والمنظور التي نروي من خلالهما أي قصة كانت على الإطلاق. ولهذا السبب أعتقد أن وجود المزيد من النساء خلف الكاميرا لا يفيد النساء الاتي يقفن أمامها فحسب، بل يفيد الحبكة واللحن والمزاج والعدسة والواقعية والمصداقية والروح والمنظور وجميع تفاصيل العالم الذي نحكيه.”
اقرئي ايضاً : المخرجة تيما الشوملي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تسلط الضوء على المرأة في السينما