مكرم المرزوقي رنيم شعبان – المصممين السعوديين يتركون بصمتهم على الساحة العالمية
برزت السعودية في السنوات الأخيرة كمركز للأزياء ينبض بالحيوية وسط مشهد مزدهر يعكس التراث الثقافي الثري للمملكة واحتضانها للحداثة. وقد مهد هذا المزيج الحيوي الطريق أمام جيل جديد من المصممين لترك بصمتهم على الساحة العالمية منهم مكرم المرزوقي و رنيم شعبان
من بين هؤلاء النجوم الصاعدين في عالم الموضة مكرم المرزوقي و رنيم شعبان، هذان العقلان المبدعان اللذان يسهمان في إعادة تشكيل ساحة الموضة السعودية برؤيتهما المتميزة وإبداعهما المفعم بالجرأة. وعلى الرغم من حداثة عهدهما نوعًا ما بالصناعة، فقد نجحا بالفعل في لفت الأنظار إلى تصاميمهما الفريدة ورؤيتهما الجديدة.
رنيم شعبان.. وأزياء نُسجت من خيوط الشغف والابتكار
تمثل رحلة رنيم شعبان كمصممة أزياء قصة نُسجت من خيوط الشغف والابتكار، ناهيكم عن الالتزام الراسخ بالاستدامة. ومن مصادر إلهامها الأولى إلى مساعيها الحالية، يمكن القول إن قصتها تدور حول الإبداع، وتبجيل الثقافة، والسعي الدؤوب نحو الأزياء الهادفة. وعن مصدر إلهام مجموعتها الأولى بعنوان «كوڤرته»، تقول: «تتحدث مجموعتي التي أطلقتها حديثًا عن جمال اللحظات التي لا تنسى وتتغلغل في نسيج ذاكرتنا»، وتردف: «الكوفرته قطعة ملموسة للغاية ترتبط بالماضي، وقصة يهمس بها كل خيط داخل المجموعة لتعبر التصاميم عن مزيج من الماضي المعاصر».
تهدف رنيم من خلال المجموعة التي أطلقت عليها اسم «كوڤرته» إلى تضييق الفجوة بين الأجيال، وإثراء تصاميمها بعناصر تثير الذكريات وتحيي المشاعر المنسية. وتؤكد على هدفها الأعمق وراء إبداعاتها قائلة: «إن المجموعة ترتكز على إعادة الاستعمال وإعادة التدوير، وإيجاد استخدامات جديدة للكنوز القديمة، علاوة على ضمان استمرار سرد هذه القصص». وفي إطار تواجدها بداخل المملكة العربية السعودية، نجد إن لرنيم رؤية للأزياء تميزها عن غيرها، رؤية يدفعها الاحترام العميق للتراث الثقافي والالتزام بالاستدامة. وتشير إلى أن «مفهوم الاستدامة ليس اختراعًا جديدًا»، مضيفة أنه «في السعودية، ازدهرت ممارسة تحويل الألياف الطبيعية إلى أشياء ذات فائدة وجمال على مدى قرون».
وكما توضح، فإن تصاميمها تجسد مزيجًا يجمع بين التراث والإبداع، كما تحتفي بمبادئ الموضة البطيئة، وإعادة الاستخدام، وسرد القصص. وتؤكد رنيم أن «الأمر أبعد من مجرد إبداع الأزياء»، وتضيف: «نهدف إلى التواصل مع جمهورنا من خلال مشاركة القصص الكامنة وراء خاماتهم والتأثير الأوسع نطاقًا لإنتاج الأزياء».
وتستمد ريم، التي تغوص في أعماق خلفيتها الثقافية، الإلهام من تجاربها وتقاليدها. تقول: «تتجاوز رؤيتي حدود الأزياء التراثية»، وتضيف: «إنه مفهوم إبداعي، علامة تجسد أخلاقيات الموضة البطيئة، وتحتفي بالقطع الخالدة التي تراعي أساليب الإنتاج الأخلاقية والاحترام العميق لبيئتنا». وتدور فلسفة رنيم شعبان التصميمية حول مبادئ حركة الموضة البطيئة، مع التركيز على النوعية لا الكم، وعلى ممارسات الإنتاج الأخلاقية. وتؤكد: «ينصب تركيزنا على جودة وطول عمر القطع التي نقدمها مما يضمن أن تصبح كل قطعة رفيقة عزيزة، واستثمارًا ثمينًا يتجاوز فكرة الصيحات العابرة». ويعد مفهوم الاستدامة عبر إعادة الاستخدام، وهو نشاط عميق الجذور داخل الثقافة السعودية، أمرًا أساسيًا في نهج رنيم. توضح: «نبث الحياة من جديد في الكنوز المنسية ونحولها إلى إبداعات رائعة. وتتماشى هذه الممارسة بسلاسة مع التراث الغني لحسن التدبير المتأصل منذ أمد بعيد في الثقافة السعودية». ويزيد التزامها بالسرد القصصي والتوعية علامتها تميزًا ويعزز صلتها العميقة بجمهورها. تؤكد: «أزياؤنا أكثر من مجرد أقمشة. فكل قطعة تجسد قصة آسرة، تتيح لجمهورنا تقدير البراعة الفنية والتأثير الأعم لإنتاج الأزياء».
وبالنظر إلى المستقبل، تتوقع رنيم استمرار الاستكشاف والابتكار. وعن ذلك تقول: «ونحن نتطلع للأمام، كل ما يمكنني قوله إنها ستكون مغامرة جديدة، بخامات وتقنيات جديدة – بالتأكيد. وكل ما يمكنني عمله هو التعامل معها خطوة بخطوة. فنحن متجر للموضة البطيئة – أساسية وطبيعية». وبينما تمضي في طريق التصميم، تظل رنيم تستلهم من الأناقة الخالدة لخزانة أزياء والدتها والروح الثورية لمصممين مثل إيڤ سان لوران أفكارا متجددة. وتذكر: «كان سان لوران أول من دمج تمامًا بين الفن والموضة ووضع الفن على منصات العروض. وكان يستقي الإلهام من مختلف الثقافات ومع ذلك ظل أنيقًا ومرحًا».
وفي تطلعاتها كمصممة، تتوقع ألا تكون الموضة في المستقبل شكلاً من أشكال التعبير عن الذات فحسب، وإنما أيضًا وسيلة للتغيير الإيجابي. وتختتم حديثها قائلةً: «ساحة الموضة المزدهرة في السعودية تقدم فرصًا مثيرة لإعادة تعريف الفخامة من منظور مستدام. وبصفتي مصممة، ألتزم بدفع الحدود وتعزيز مستقبل أكثر مسؤولية للموضة». ومع كل غرزة وتصميم، تنسج رنيم شعبان، المصممة السعودية الشابة قصة عن الجمال والاستدامة والتراث الثقافي، لتترك بصمة لا تُمحى على ساحة الموضة. وبينما تواصل رحلتها، تظل رؤيتها واضحة – فهي لا تُبدع الأزياء فحسب، بل تقدم أيضًا إرثًا داخل نسيج علامتها يظل محافظاً على مكانته وأناقته مهما مرت الآزمنة.
مصمم الأزياء السعودي مكرم المرزوقي.. مزيج يجمع بين التراث والأناقة
في مزيج آسر يجمع بين التراث والأناقة العصرية، يكشف مصمم الأزياء السعودي مكرم المرزوقي عن مجموعته الأولى التي تشهد على النسيج الثقافي الثري لحي البلد. وبوحي من تراث الخشب المنجور بجماله المركب، ينسج المرزوقي قصة التراث والحداثة عبر الأقمشة الفاخرة والحرفية المتقنة. يقول: «المجموعة مستوحاة من فن المنجور الفريد الذي يميز حي البلد ويزين الرواشين التي يشتهر بها»، ويردف: «ترجمنا المنجور إلى الدانتيل والمخمل والجرانيت الساتان، حيث تستحضر هذه الأقمشة الفاخرة المساحات الإيجابية والسلبية في المنجور». وتروي كل قطعة في المجموعة قصة، بدءًا من طقم الزفاف الرائع إلى الأزياء اليومية التي تحتفي بالنساء السعوديات وتنوعهن. كما يكشف المرزوقي قائلاً: «بالنسبة لإطلالة الزفاف، قمنا بالاستعانة بآلة تفريز سويسرية تعمل بدقة على المنجور ذي التخريم الزخرفي الكبير»، ويضيف: «زينت الطرحة المصنوعة من الأورجانزا الحرير بالتطريز الفرنسي، والذي استغرق تنفيذه حوالي 400 ساعة».
يقول المرزوقي مفتخرًا: “ولكن وراء الجماليات المذهلة في التصميم هناك نظرة أعمق على التراث والمجتمع. فالإطلالات المعروضة والبالغ عددها 23 إطلالة هي احتفاء بالنساء السعوديات من المناطق الـ13 جميعها، وتنوعهن الكبير»، ويضيف: «لقد تهادين على منصة العرض متألقات بالمحرمة والمدورة المصنوعة من الڤوال القطني والتيجان المصنوعة من ساتان دوشيس احتفاءً بغطاء الرأس التراثي بالمنطقة». وخلف الكواليس، يقر المرزوقي بالجهود التعاونية التي بثت الحياة في رؤيته. يؤكد: «لقد كان هذا حقًا نتاج جهد جماعي»، مضيفًا: «لدينا فريق عمل سعودي بالكامل، ولولا المواهب الطاغية التي أبداها كل من سيف الصبيحي وسماهر باشماخ وسليمان الجربوع ومصطفى العمصي وآية طارق وآلاء بلخي، لم يكن العرض ليظهر على هذا النحو». وفي عالم الموضة دائم التطور، يعرض كل مصمم منظورًا وفلسفة جمالية فريدين. ولا شك أن لمصمم الأزياء السعودي مكرم المرزوقي بصمته الخاصة التي تسهم في صقل هذه الصناعة بشكل كبير. ويوضح قائلاً: «فلسفتي في التصميم تتمثل في دفع الفكرة إلى أقصى حدودها، ثم تعديلها لتبلغ أفضل أشكالها». وتحدث المصمم عن رأيه فيما يميز تصاميمه، ولا سيما داخل السياق السعودي قائلاً: «في هذه المجموعة تحديدًا، كانت الفنانة صفية بن زقر أكبر منبع للإلهام». وإلى جانب الكم الهائل من الأبحاث التي أجراها على المنجور، وبيوت البلد، ومظهر نساء البلد، تدل تصاميم المرزوقي على تقديره العميق للتراث الثقافي الغني للمملكة. وهو يشيد بالدعم الذي تلقاه من مؤسسات مثل JHD، والمعهد الملكي للفنون التقليدية، و«زاوية 97»، و«هيئة الأزياء»، والذي مكنه من إحياء رؤيته.
وهو يستمد من خلفيته الثقافية وتجاربه الخاصة لينسج بإتقان هويته داخل تصاميمه. وعن ذلك يقول: «أبدأ بالبحث في تاريخ فكرتي وجذورها». ولا تمنحه هذه الخطوة الأساسية السياق فحسب، بل تلهمه أيضًا قصة مجموعته. ويضيف: «أرى الزخارف الهندسية كرموز لا توحد السعودية فحسب، وإنما أيضًا العالم العربي والإسلامي بأسره». وبدراسة التقنيات التاريخية والأنسجة التراثية التي ترتديها نساء المنطقة، يروي المرزوقي قصة أصيلة تحظى بالتقدير.
ومن ناحية الإلهام، تشكل مدينة جدة، مسقط رأس المرزوقي، معينًا لا ينضب للإبداع. يقول: «منطقة البلد العريقة المزينة بالواجهات الحجرية والرواشين المزخرفة هي التي ترسم معالم الطريق». ويعد خشب المنجور، الذي يشكل أساس الرواشين، منبع الإلهام لجميع منسوجات مجموعته. ويدين المصمم بالفضل للفنان القدير أحمد عنقاوي لتقديمه طائفة واسعة من الأعمال الفنية التي ألهمت الأنماط، وأعادت سماهر باشماخ ترجمتها بعد ذلك إلى منسوجات. وتبين هذه العملية المعقدة في ترجمة المشغولات الخشبية إلى أزياء يمكن ارتداؤها التزام المرزوقي بالمزج بين التراث والابتكار.
ولا تحتفي تصاميم مكرم المرزوقي في جوهرها بالتراث الثقافي السعودي فحسب، بل تمهد السبيل أيضًا لعصر جديد من المنسوجات الفاخرة التي تقدر الماضي بينما تحتضن المستقبل. وبالبحث الدقيق والمهارة الحرفية المدروسة والصلة العميقة بالجذور، يواصل هذا المبدع إعادة تعريف الموضة السعودية على الساحة العالمية.
وفي عالم مكرم المرزوقي، تتحول الموضة إلى لوحة فنية يلتقي فيها التراث مع الابتكار، وتنسج قصصًا من التراث الغني للمملكة بخيوط من الذوق العصري. وبينما يواصل التقدم إلى الأمام، يتضح أمر واحد بجلاء: وهو رؤيته التي تتخطى الحدود ويتردد صداها بين مختلف الجماهير التي تنجذب لبريق السرد الثقافي عبر الموضة.