أمين أمهارش أول فنان مغربي يشارك في أسبوع الثقافة في تبليسي في حديث عن عمله الفني
بفضل مواهبه المتعددة التي تجمع بين الهندسة المعمارية، والإدارة الإبداعية، والتنسيق الفني، والفنون المتعددة الوسائط، صنع أمين أمهارش، أحد أبرز المبدعين من المغرب، لنفسه اسمًا مرموقًا على ساحة الفن العالمية. من باريس، لوس أنجلوس، نيويورك، دبي، تبليسي إلى الدار البيضاء، أثرت بصماته الفنية والمعمارية على مشهد الفن والموضة في جميع أنحاء العالم.
تولى أمين دورًا رائدًا في تصميم الديكور لأوبرا موناكو وأوبرا أنتويرب، بالشراكة مع المصمم الكوريغرافي الشهير سيدي العربي الشرقاوي، ويعمل حاليًا على الأوبرا الجديدة في جنيف التي ستعرض لأول مرة في نوفمبر 2024.
بصفته مؤسسًا مشاركًا لصالة الفن «Art Space Casablanca» والرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات الفنية «Pocho Lab»، أمين هو القوة الدافعة وراء العديد من المشاريع الفنية المبتكرة. بعد سنوات من الخبرة في مجموعة كبرى للأزياء والفنون، أصبح مفوضًا لمشاريع ومعارض الفن والتصميم، حيث يتبنى رؤية فريدة خاصة به في تقديم وعرض المواهب الفنية.
وبتراث يمزج بين الجذور البربرية والعلوية، يسعى أمين إلى تقديم هويته المغربية وثقافته الغنية للعالم بأسره. أحدث معارضه في تبليسي، جورجيا، كان حدثًا غير مسبوق على مساحة تزيد عن 2500 متر مربع من الفن الغامر والحسي، وتم تكريمه شخصيًا من قبل رئيسة جورجيا في القصر الرئاسي.
في الفترة من 9 إلى 12 مايو، عاد أسبوع الثقافة في تبليسي في دورته الثانية، حيث شهد احتفاءً فخمًا بالتنوع والإبداع في قلب المدينة. ويسعى هذه الفعالية المفعمة بالحيوية والمتعددة المجالات إلى استعراض النسيج الثري للمشهد الفني محليًا ودوليًا، علاوة على تعزيز التبادل الثقافي والتعاون بين الفنانين والمؤديين والمبدعين من جميع أنحاء العالم. فبعد نجاح دورته الأولى، قدم أسبوع الثقافة في تبليسي تجربة غامرة أكثر من ذي قبل، حيث شمل برنامجًا متنوعًا تضمن عددًا من المعارض والعروض والتجارب التفاعلية وغير ذلك الكثير.
التقت ڤوغ العربية أمين الذي قدم عمله الفني الإنشائي بعنوان «اَلْفُرْقَان» في هذه النسخة الثانية من أسبوع الثقافة في تبليسي الذي أقيم في مركز «فاكتوري تبليسي». وُلِدَ هذا العمل من رحم خلفية الفنان في الهندسة المعمارية الحسيّة، وقد وظّف الصوت والضوء لتشكيل مساحة جديدة داخل المعرض. وعن قصة المعرض وموضوعه يقول أمين: «تخيل نجمًا معدنيًا يلعب على الأرض ويشكل تصميمًا معماريًا! ناطحات سحاب مصنوعة من صناديق الكوكا كولا ومغطاة بالبلاستيك الأسود. أرضية مغطاة بأحجار قديمة عمرها 100 عام تعيد تشكيل ساحة عامة أو مدينة جديدة مثل خريطة لعالم قديم لم يعد موجودًا أو ينهض مرة أخرى من النفايات! هذا التناقض هو القاعدة. مدينة مظلمة وما فيها من تفاؤل! لك أن تراه وتحسه!». أثرت خلفيته الفنية على عمله المعروض ويقول: «حسنًا… إنها العمارة. بكل وضوح! يسعى عالم الأنثروبولوجيا للتحدّث عنّا نحن البشر. الباقي ترهات». وعن كيف تساعد الموسيقى في بناء قصة تركيباته يوضح أمين: «الموسيقى ضرورية. الموسيقى هي أنفاس الناس السائرين في هذه المدينة! صوت الآلات والبُنى التحتية! هكذا أراها!». وجود أمين في تبليسي ليس بالصدفة، بل هو نتيجة محتمة لعلاقة بدأت منذ زمن، «لقد مرّ 18 عامًا على ذهابي إلى جورجيا. الناس والفنانون والفن والسماء، كل شيء شكل جزءًا من العملية». ولعل ما هو أبعد من هذه العلاقة الوطيدة هو الفخر الذي يشعر به أمين بمشاركة ثقافته مع العالم. فأمين هو أول فنان مغربي يشارك في أسبوع الثقافة في تبليسي ويقول عن أهمية الحوار بين الثقافات وإسهام هذا التبادل في تطوير المشهد الفني المحلي: «تشرفت بالطبع! فرفع علمنا هو وسيلتنا للاعتزاز بحبنا لثقافتنا. وتخطي الحدود، الحوارات الثقافية، التجاوزات، تحطيم الحواجز… ليس هناك أهم من هذا! هذا هو جوهر عملي. نحن كفنانين نعمد إلى التجربة من خلال المشاركة، والتنمية والمعالجة والعطاء! لم يكن معرض «اَلْفُرْقَان» سوى عصارة ما قدمته لي جورجيا طوال هذه السنوات. وكان أيضًا المكان المثالي لعرض هذه الأعمال المفعمة بالأحاسيس التي قمت بها». اَلْفُرْقَانْ هي أعمال جريئة وغير تقليدية تتميز بأشكالها ذات الزوايا المائلة، وجدرانها الخارجية ذات الطبقات، ودمجها للرسومات الغرافيكية، مع التركيز على تأثير الضوء الخلّاب. ويُعرض السرد في خمسة أعمال مترابطة على مستويات مختلفة. ويتميز كل عمل بموضوع رئيسي فريد وأساليب متعددة لإعادة تصور ثقافة البناء الحالية كاستجابة للوضع العالمي! وكطريقة عمل، فإن هذه العمليات الرسمية لهذا النمط – المعروفة بتأثيراتها الدفاعية والمناهضة للعامة – ما إن يعاد استخدامها لغرض جديد، تخلق مساحات للتجمع والمشاركة. وفي هذا المعرض الغامر، قدم أمين أيضًا ثلاثية انفجارات انصهارية (لوحات). وكشف الفنان عن 3 فترات زمنية مختلفة لثوران نفس الحمم البركانية! ومرة أخرى، قدم تفسيرًا ملتويًا للمحتوى والمضمون، عارضًا ازدواجية السلام والفوضى. وما يُفترض فيه أن يكون خفيفًا بصريًا هو في الواقع الأثقل والأشد إزعاجًا. وعن مصدر الإلهام يقول أمين: «الوضع العالمي من الجانب الغربي، ونحن نتبعه! حالة عدم اليقين لدينا! قوتنا للقيام بما يجب علينا القيام به، والتوازن الذي ليس بوسعنا تحقيقه بعد. أردت أيضًا أن أظهر كيف ينهض العالم العربي من جديد! إنه وقتنا مرة أخرى! تظهر مجتمعاتنا مرة أخرى على الطريق!». يعمل أمين حاليًا على معرض «Armors» وهو عن الدروع.. والمنسوجات.. والموضة في دبي. ويقول: «كنا دائمًا نرى المعارض إما من وجهة نظر غربية أو من منظور أجنبي. أريد أن أبيّن كيف ننظر نحن العرب إلى الدروع والموضة. وبين هذا وذاك أرسم البراكين… دائمًا».
اقرئي أيضًا: الفنّ أولاً: معرض “ليڤيتيت” من تنظيم “حياتي دايريز” يكشف إبداعات فنانات عربيات