نساء رائدات يستلهمن القوة من تقبّل كلٍّ منهن لذاتها
لطالما كان جسم المرأة موضوعًا للنقاش والإعجاب. وقد وضع المجتمع معايير يصعب بلوغها في حياتنا اليومية في أحسن الفروض، بل وبعيدة تمامًا عن المنال في أسوئها – سواء كانوا من أهل المشورة والرأي التقليديين في مجتمعاتنا الخاصة، أم النطاق الضيّق لأبحاث الصحة والوزن التي تميل إلى استبعاد النساء والأقليات، أم الحملات الإعلانية الكارهة غالبًا للنساء، أم المؤثرين المهووسين بالتمارين الرياضية والأنظمة الغذائية الذين تزدحم بهم تحديثات مواقع التواصل الاجتماعي. ومع ظهور براءات الاختراعات في منتجات التجميل والعناية بالبشرة ذات الأسانيد العلمية، بتنا نواجه خطر رؤية مزيد من القيود على عروض مختلف المنتجات الملائمة لجميع أصناف البشر.
ولكن هنا في الشرق الأوسط نساء يسبحن عكس هذا التيار المتآمر، متحررات مما قيل لنا إنه الشكل المثالي، ليدافعن بدلاً من ذلك عن فكرة أن «جميع الأجسام» جذابة ومرغوبة. وقد تحدثت ڤوغ العربية مع عدد ممن خضن رحلة لاكتشاف الذات للتصالح مع مناطق لا تتناسب مع النموذج الجمالي لعارضات الأزياء الشهيرات الذي اعتدنا أن نصبو إليه، وأخريات اجتهدن في بلوغ الشكل المنحوت الذي يتحدى معايير الأنوثة. إنهن جميعًا نساء قويات يتمتعن بصحة جيدة، وكثيرات منهن يستخدمن منصاتهن لمساعدة الأخريات ممن يعانين من شكل قوامهن. فتعرفي على قصصهن.
جولز بيك
نموذج للتحلّي بالجرأة وتحديد الأهداف
بالنظر إلى ولعها بأزياء المستقبل والإطلالات الجمالية، تخطف جولز بيك، البالغة من العمر 30 عامًا، الأنظارَ أينما ذهبت. وبينما ساعدت أناقتُها المبدعين في مجال الأفلام والتصوير الفوتوغرافي في الحصول على فرص عمل في عرض الأزياء وعقد شراكات مع العلامات، لم يكن تفردها دومًا نقطة إيجابية، لا سيّما عندما انتقلت من كازاخستان إلى دبي وهي في الرابعة. تقول: «لقد علقتُ بالتأكيد»، وتردف: «عندما كبرتُ، كان ثمة صوت داخلي يقول أتمنى لو كانت بشرتي بيضاء، فعندها كانت أموري ستصير أسهل كثيرًا». وكانت كثيرًا ما تسأل عما إذا كانت يابانية، ولكن خيبة الأمل التي أعقبت حقيقة كونها غير يابانية جعلت التنمر والعزلة أكثر إيلامًا. وكان يسيطر على جولز شعور بأنها دخيلة، ولفت انتباهها كل ما هو غريب الأطوار. تقول: «أصبحت مصادر إلهامي تتمثّل في ديڤيد بوي، وغريمز، وذا روكي هورور شو، والبانك». وقد حثّتها والدتها وشقيقتها على ألّا تصبغ شعرها بدافع حماية نفسها، وكانتا تريدان ألّا تكون مميّزة بين الجموع أكثر مما هي عليه بالفعل. ومع ذلك، برزت جولز في الجامعة، وأصبحت سعيدة بخصلات شعرها ذات اللون البرتقالي رغم نظرات الآخرين لها. وبفضل ثقتها المتنامية، أصبحت تحظى بالتقدير بدلاً من الاستهجان والرفض. تقول: «أنا أفهم اللغة العربية وأسمع النساء المحليات يقلن إن شعري يبدو جميلاً».
وساعد مظهرها المميّز في اجتذاب فرص للمشاركة في عروض الأزياء، وشهدت واحدة من أول مهامها الكبيرة ظهور صورة وجهها في جميع أنحاء المترو وعلى لوحة إعلانات. تقول: «كانت تلك لحظة حاسمة لي. وأيقنت أنه عليّ مواصلة القيام بذلك، وأن أكون حقيقية وصادقة مع نفسي». وقد منحها هذا أيضًا الثقة للسعي لتحقيق طموحاتها الإبداعية واحتضان تراثها من خلال إعادة التواصل مع ثقافتها. ومن جانبها، تقول جولز لكل شابة من الشابات اللواتي يحرصن على استكشاف مظهرهن: «اسألي نفسكِ لماذا تريدين أن تبدين مختلفة. هل من أجل أن تحظي بنظرة معينة؟ هل اتباعًا لصيحة ما؟ أم أنه تعبير عن الذات؟»، وتردف: «السبب وراء عدم شعوري بالكلمات التي تشبه الحجارة التي تلقى عليّ [تقصد التنمر عليها]، أو عدم الاكتراث عندما يحدّق الناس بي، هو أنني كنت واضحة جدًا في هدفي، وكنت أدرك حقًا أن هذا جزء من رحلتي».
زينب العقابي
جعلت الإعاقة أمرًا عاديًا وعززت العقلية الإيجابية
مع زيادة عدد متابعيها عن مليوني متابع على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، تُعدّ زينب العقابي، البالغة من العمر 33 عامًا، من نجمات الإنترنت المحبوبات، وتصل مشاهداتها إلى جميع أنحاء العالم العربي. وتقيم المتحدثة التحفيزية وصانعة المحتوى في الإمارات منذ أكثر من عشرين عامًا، بعد رحيلها عن بغداد إثر انفجار قنبلة تعود لحرب الخليج بالقرب من منزلها. وقد أدّى هذا الانفجار إلى جرح يدها وبتر ساقها اليسرى في نهاية المطاف في السابعة من عمرها. وكان تعلّمها المشي باستخدام طرف صناعي والتغلّب على إحساس عائلتها بالذنب والصدمة صعبًا، ولكنها وجدت سلواها في عالم الرياضة، فمارست ركوب الدراجات والغوص والسباحة. تقول: «أحببتُ وضع الأهداف وتحقيقها، وبدأتُ تقبّل جسمي أيضًا». وأكملت السباقات الثلاثية، وتدرّبت على الغوص، والتحقت بالجامعة لدراسة الصيدلة، وزاد حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت عناوين الأخبار لعقليتها الإيجابية.
وفي عام 2013، كفّت عن استخدام الغطاء التجميلي لطرفها الصناعي رغم الضغوط الاجتماعية لإخفاء ما يجعلها مختلفة. وحين خرجت لأول مرة إلى المركز التجاري بما أطلقت عليه «ساقها الحرة»، لم تنزعج من فضول الناس وأسئلتهم ونظرات شفقتهم. «أحسستُ فعلاً بالارتياح لأن الناس تمكنوا من رؤية إنسان بطرف صناعي على ما يرام، ورأوا ما هو الطرف الصناعي، أو ما هو البتر». وأكثر تعليق سلبي تلقته كان من طبيبة حذرتها من أنها لن تجد زوجًا لها، وأنه ليس من المستحب أن يرى الآخرون طرفها الصناعي، ولكنها أصرت على أن تجعل الإعاقة أمرًا عاديًا لتنتفع بذلك شريحة البشر الذين تمثلهم هي.
ومنذ ذلك الحين، تظهر زينب العقابي على شاشات التلفزيون تلقي الخطب التحفيزية الملهمة. وهي الآن سفيرة لكلٍ من «نايكي» و«ڤولكس ڤاجن»، وشركة الأطراف الاصطناعية «أوتوبوك»، كما شاركت في عروض الأزياء بأسبوع ميلانو للموضة. تقول: «أنا بالتأكيد متصالحة مع نفسي وأعتقد أن ذلك مفتاح كل شيء، سواء كان إعاقة أم أي شيء آخر».
سابنا دانواني
نموذج للشعور بالرضا التام عن بشرتها
كانت سابنا دانواني، وهي ربة منزل وحديثة العهد بالأمومة، تعيش أسعد فترات حياتها قبل عام؛ حيث كانت تتمتع بقوام رشيق وصحة جيدة بعد الحمل والولادة الطبيعية. وابنتها سيا هي مصدر فخرها وبهجتها. ولكن بعد عشرة شهور من الولادة، بدأت الأوضاع تتغيّر مع ظهور البثور بغزارة على خديها. كانت الشابة البالغة 34 عامًا تعاني من حَبّ الشباب الشديد في سن المراهقة إلى أن قام طبيب للأمراض الجلدية بعلاج الحالة بالأدوية. وشعرت سابنا بأنها محطمة إثر عودة المشكلة بعد 17 عامًا. تقول: «لقد أخافني الماضي أكثر مما أخافني الوضع الحالي».
وشُخِّصَت حالتها بحَبّ الشباب الكيسي نتيجة التغيرات الهرمونية على الأرجح، وبذلت صانعة المحتوى قصارى جهدها لإخفاء المشكلة. تقول: «كنتُ أستخدم المكياج وقت التصوير، وفي مكالمات العمل، وحتى في المكالمات العائلية. وبدأتُ أفكّر في تحويل بؤرة التركيز وربما عدم الظهور بوجهي أمام الكاميرا». وفي بعض الأحيان، كانت تعزف عن مشاركة بعض مقاطع الفيديو والصور مطلقًا لحرجها الشديد من مظهرها. وعندما بدأ الناس يتساءلون عما إذا كانت قد غيّرت روتين جمالها أو إذا كانت تتبع عادات أكل سيئة بعد ملاحظة ظهور حَبّ الشباب على وجهها، تزعزعت ثقتها بنفسها وبلغت أدنى مستوياتها.
لكن لقاءها بصديقاتها من المدرسة الثانوية قد قلب الأمور رأسًا على عقب. تقول: «بعض الصديقات أسمعنني كلمات جميلة حقًا عن إنجازاتي… هذا، جنبًا إلى جنب دعم زوجي وأسرتي، جعلني أدرك أن بشرتي لا تُزعِج من يحبونني حقًا». وبفضل هذا التغيير في طريقة التفكير، نشرت مقطع «ريل» جديد على إنستغرام لتكتشف أن هناك أشخاصًا آخرين عديدين يخوضون الصراع نفسه. تقول: «ليس الجميع محظوظين بوجود أصدقاء وعائلة لا يحكمون عليهم من خلال المظهر، ولهذا السبب قررت الاستمرار في النشر».
تزور سابنا طبيب أمراض جلدية وتتبع نهجًا أكثر شمولاً للتغلّب على إصابتها لأن تناول الأدوية غير ممكن خلال فترة الرضاعة الطبيعية. ولكنها أيضًا أصبحت أكثر تقبلّاً لبشرتها هذه المرة. «أريد أن يعرف [الناس] أنكِ جميلة، وأن قيمتكِ لا تتحدد ببعض حَبّ الشباب المؤقت».
لوجينا صلاح
كشفت عن مرضها لتنشر رسالة مهمة
تعلم لوجينا صلاح الكثير عما يعنيه أن تبدو المرأة مختلفة؛ فقد تقبّلت عارضة الأزياء المصرية البالغة من العمر 34 عامًا، والتي عملت في السابق مقدمة برامج تلفزيونية وفنانة تجميل، إصابتها بالبهاق – وهو من أمراض المناعة الذاتية التي يفقد فيها الجلد تصبّغه ويظهر على شكل بقع بيضاء على الجلد الأسمر – وأخذت تدعو إلى زيادة الوعي بهذا المرض. بيد أن بلوغ هذه المرحلة لم يكن سهلاً؛ فحين تم تشخيص إصابتها بهذا المرض وهي لم تتجاوز 13 عامًا، أحسّت بالخجل والارتباك وساورها القلق من نظرة الآخرين للتغيّر الذي طرأ على شكلها. وكانت المدرسة الثانوية أسوأ فترات حياتها لما تلقته من تعليقات قاسية: «كان الناس يقولون: «إنكِ تبدين مثل البقرة، أو هل أنتِ محروقة أو ملعونة؟».
ولشغفها بالجمال، أخذت تجرّب إخفاء البقع البيضاء الظاهرة على وجهها وجسمها. وبلغت في ذلك مبلغًا من البراعة جعلها تتخذ من ذلك مهنةً لها. «كان تعلُّم المكياج لدرجة الاحتراف سبيل للهروب من الواقع، وتغطية وجهي كان لتفادي الأسئلة والتعليقات السخيفة والمؤذية». ولم يعلم الناس بمرضها إلا عام 2017 حين قدمت درسًا احترافيًا عن إخفاء الندبات، ولم تحضر العارضة التي تعمل معها، فقررت أن تكشف عن بشرتها لتكون وسيلة بديلة للعرض، رغم خوفها من ردة فعل أصدقائها وعميلاتها على السواء. «عندما بدأ الناس التصفيق… كان ذلك بمثابة اختبار حقيقي تأثرتُ وسعدتُ به كثيرًا – وأصبحتُ راضية تمامًا عن طبيعتي وحقيقة نفسي».
وقد دفع ذلك لوجينا، الأم التي لديها الآن طفلة اسمها لارا تبلغ من العمر تسع سنوات، إلى دائرة الأضواء على مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات المجلات ومنصات عروض الأزياء، بل وشاشات التلفزيون. وقد وضعتها هذه الشهرة في موقع أتاح لها مساعدة غيرها. «أشكرُ الله كثيرًا بالطبع لأنه وضعني في المكان الذي أنا فيه اليوم حتى أتمكن من تشجيع جميع الفتيات على رؤية ما هو أبعد مما يسمى بالكمال، وتقبل تفردهن». وما أهم رسالة توجهها للنساء؟ حسنًا، تقول لكلٍ منهن: «حطّمي القوالب، وكوني على طبيعتكِ، وسيعتاد عليها العالم».
شهد بودبس
نموذج لتقوية الجسم وحُب «العضلات»
كانت شهد بودبس، خريجة أكاديمية الشرطة، مولعة بألعاب القوى من صغرها، منذ أن كانت عدّاءة في منتخب الإمارات الوطني في البداية ثم لاعبة كرة قدم تمثّل بلدها. «في بادئ الأمر، كان من الصعب ممارسة الفتيات للرياضة في الإمارات، ولكن المسؤولين الآن يدعمونها بشدة». وقد رأى والداها أن كرة القدم لعبة للأولاد، ولكنها لم تقتنع. تقول: «لا أستمع لذلك، لا أستمع مطلقًا».
ولم يمض زمن طويل حتى أصبحت شهد اسمًا معروفًا، وفي عام 2016، طُلِبَ منها أن تكون عضوة في لجنة التحكيم في مسابقة للعثور على أفضل الرجال والنساء في اللياقة البدنية بدبي. وهو ما تطلّب أن تجرّب بنفسها التمارين الرياضية مسبقًا، وبفضل تدريباتها السابقة، أثار أداءها كلاعبة كرة القدم إعجاب المنظمين الذين اقترحوا عليها الاشتراك في المنافسات بدلاً من التحكيم. «كانت الجائزة المالية كبيرة، لذا شاركتُ وفزتُ بالفعل». وكانت تمارين اللياقة البدنية شبيهة برياضة «الكروس فيت» التي سرعان ما أصبحت شغوفة بها. وسعيًا للتأهّل لحدث رسمي، جددت روتينها المعتمد غالبًا على تمارين الكارديو لتُدمج رفع الأثقال. وفي المقابل، تغيّر جسمها النحيف أيضًا؛ فقد تركت كرة القدم لتركز على رياضة «الكروس فيت»، فاكتسبت 10 كيلوغرامات من العضلات. ومع أنه قيل لها إنها أصبحت أقل أنوثة، تحب شهد ازدياد العضلات في جسمها، وقد نالت ثمار عملها الشاق؛ ففي عام 2019، أصبحت أول امرأة إماراتية تشترك في منافسات ألعاب «الكروس فيت» في ويسكونسن، وهي منذ ذلك الحين عضوة في الفريق. وفي وطنها، فازت بلقب بطلة اللياقة البدنية في الإمارات خمس مرات متتاليات.
وتأمل شهد في تشجيع مزيد من النساء بالمنطقة على تقوية أجسامهن دون القلق من التغيّرات البدنية. وتقول من واقع خبرتها: «إنه أمر لا يأتي بسهولة»، فقد عملت طوال سنوات لبلوغ القوام الذي تتمتع به حاليًا. تؤكد: «أعتقد مع ظهور مزيد من النساء اللواتي يمارسن هذه الرياضات… سيحدث ذلك، كما سيبدأ الناس تقبّل مختلف أشكال الجسم».
سابنا أرورا
نموذج للتغلّب على اضطرابات الأكل والاحتفاء بقوامها الجديد
كان بين سابنا أرورا، البالغة 27 عامًا، وبين الطعام وممارسة الرياضة علاقة معقّدة، على ما تتذكر؛ فعندما كانت طفلة، كانت تنغمس في تناول الطعام إذا ما شعرت بالتوتر، وكذلك الحال وقت الاحتفالات مع أسرتها الهندية. وفي الثانية عشرة من عمرها، أحرجتها ممرضة بالمدرسة بسبب جسمها الممتلئ، ومن ثَم بدأت ممارسة رياضة الجري من أجل إنقاص وزنها. ومع ذلك، ساءت عاداتها الغذائية أثناء امتحاناتها. تقول: «كنتُ أشتري شطيرتيْ شاورما لترافقاني في طريق عودتي القصير إلى المنزل. وكنتُ أفرط في تناول رقائق البطاطس والكرواسان، وأي شيء يساعدني على التركيز أثناء المذاكرة. وهكذا، أصبح الطعام صديقي، حتى تحوّل إلى عدويّ».
وفي الثامنة عشرة من عمرها، حيث بلغ وزنها 101 كيلوغرام، عانت أرورا من مشكلات في المعدة، وكانت ستفقد المرارة ما لم تغيّر عادات أكلها. تقول: «تغيّر شيء ما بداخلي». وبالفعل، التحقت بصالة جيم الرياضية، وخفضت مقدار السعرات الحرارية التي تتناولها. وأصبحت مدمنة على ممارسة التدريبات الرياضية بشكل مفرط، فضلاً عن تقليل كميات الأكل. «كانت رحلتي ضاربة بجذورها في أعماق الألم والوهم بأن النحافة ستجعلني أستحق أن أحظى بالحب». بيد أن تعرّضها لإصابة في الظهر عام 2019 وفقدان أحد والديها عام 2021 جعلاها تكتسب بعض الوزن من جديد. تقول: «مَن كانوا يشجعونني عندما كنت نحيفة، هم أنفسهم مَن قالوا لي إنني عدتُ من حيث بدأت. يبدو أنه ما من أحد يكترث بصدمتي العاطفية والبدنية».
وبعد تشخيص حالتها بمقاومة الأنسولين، اضطرت أرورا بمساعدة طبيب ومدرب شخصي، في تنفيذ خطة صحية تركّز على الصحة أكثر من فقدان الوزن. تقول: «ما رآه الناس كحجم صحي بالنسبة لي كان حجمًا وُلِدَ من رحم عقاب الذات»، وقد أصبحت أكثر سعادةً الآن بعد أن أخذت وقتها لتحظى بجسم رشيق دون التقيّد المفرط بنظام غذائي. لقد سئمتْ من الحديث عن الالتزام بمظهر معين، كما أصبحتْ تنظر لقوامها الممتلئ بعين التقدير. تقول: «البنيان الجسماني الجيد هو ذلك الذي يتيح لكِ إنجاز الأعمال، والأكل جيدًا، والنوم جيدًا، وأن تكوني سعيدة. وطالما عثرتِ على الوضع المناسب لكِ، فلا يحق لأي شخص آخر أن يناقشكِ فيه».
زين بيج
نموذج لتبنّي البنية القوية بديلاً عن النحافة
لم تكن منسّقة الأزياء زين بيج، المقيمة بين لندن وباريس ودبي، تحتاج لأن تأبه كثيرًا بشأن ما تناولته من طعام عندما كانت في العشرينيات من عمرها، حيث ظل قوامها نحيلاً رغم كثرة تناولها للأطعمة المصنّعة والحلويات المحلاة بالسكر. ولكن مع اقتراب عيد ميلادها الثلاثين، دفعت ثمن حياة المدينة، وساعات العمل الطويلة، وقلة النوم في صورة شعور بالخمول، وانتفاخ البطن، وظهور البثور، وزيادة الوزن بعض الشيء. ولا تزال الفتاة البالغة من العمر 35 عامًا، التي ترغب في الاشتغال بهذا المجال، تتساءل عما إذا كان إعجابها بالنحافة قد نبع من فرط احتكاكها بمعايير الجمال التي تقدّرها المجلات وعروض الأزياء وصور المشاهير التي كانت تطالعها بصفة مستمرة. تقول: «عندما بدأتُ العمل مع عارضات الأزياء قبل أكثر من 14 عامًا، أردتُ أن أبدو نحيفة مثلهن، وكنّ نحيفات للغاية. هذا رغم محاولة أمي اللبنانية إطعامي باستمرار».
ومن ثَم، قررت زين الذهاب إلى صالة جيم رياضية لخسارة الوزن الزائد، ثم حدث ما لم يكن في الحسبان. تقول: «كان الأمر مخيفًا جدًا. كانت صالة جيم لبناء العضلات، وكانت مليئة بلاعبي كمال الأجسام، لكنني كنت ثابتة العزم ومضيت قدمًا». وبعد أن لاحظت وضوح عضلات بطنها، استلهمت من قوتها وشاركت في مسابقة كمال الأجسام فئة البكيني. تقول: «سئمتُ وتعبتُ من إصرار الأفراد في دائرة معارفي الاجتماعية على أن الحياة تبدأ في الانحدار بعد الثلاثين، ولذلك فكرت في خوض التحدي». وبعد ممارسة التمارين الشاقة واتباع نظام غذائي صارم، أصبحتْ زين جاهزة للمنافسة. ومنذ ذلك الحين، لم تنظر إلى الوراء، حيث شاركت في مزيد من الفعاليات، وحصلت على مؤهّل بصفتها مدربة شخصية، وأصبحت تعتز ببنيتها الجديدة. «الأمر لا يتعلق بالجماليات فقط. علمتني رياضة كمال الأجسام الانضباط والثقة بالنفس والمثابرة». وتردف: «لعل أفضل ما في الأمر تلك الرسائل التي أتلقاها من الناس، وخاصة العاملين في مجال الأزياء، وكيف أني ألهمتهم للانطلاق في رحلتهم نحو اللياقة البدنية. إن مساعدة النساء الأخريات في حب أجسامهن أعطاني هدفًا أسعى إليه».
إنتاج Ankita Chandra وYoumna Elkalash تصميم خلفيات التصوير Yehia Bedeir