لايف ستايل

إبـداعات بالنسياغــا للمصمم كريستوبال بالنسياغا في معرض يدمج بين حرفية الإنسان والابتكار التقني


لطالما قام المصمم كريستوبال بالنسياغا، بتناول الموضة باعتبارها فرصة لتغيير الإطلالات ووجهات النظر، في مقابل استدامة المثل العليا المقيدة للمرأة. واحتفالاً بانطلاق أيام التراث الأوروبي لعام 2023 (Journées Européennes du Patrimoine) يومي 16 و17 سبتمبر، تقيم دار «بالنسياغا» معرضًا أصليًا يستكشف براعة كريستوبال بالنسياغا في نحت إبداعاته على جسم المرأة ويحتفي معرض Woman Behind the Dress، عبر قطع أرشيفية نادرة. وقد اشتهرت تصاميم السيد بالنسياغا ببنيتها الرائعة، الأمر الذي حظي باهتمام غير مسبوق منقبل العميلات في نهاية المطاف. وأصبح حبه للتفرد مصدر إلهام للمدير الفني الحالي للدار. يقام المعرض في رحاب Laennec في 40 شارع دو سيفر في باريس، وهو معلم تاريخي يعود إلى عام 1634 والمقر الرئيسي لشركة Kering. ويضم المعرض 30 قطعة أزياء راقية و20 تمثالاً لعرض الأزياء، ويسلط الضوء على عنصر جوهري في قسم أرشيف «بالنسياغا» فيما يحتفي بالنساء اللواتي ارتدين هذه الروائع.

وقد صُنعت هذه القطع المذهلة للشخصيات الملكية والشخصيات البارزة في المجتمع والفنانات والموظفات بالدار، ومن بينهن نجمة السينما إنغريد برغمان، ومصممة الرقصات أغنيس دي ميل، ومنى بيسمارك، وهي أول امرأة تحصل على لقب المرأة الأكثر أناقة في العالم، وباني ميلون مصممة حديقة الورود في البيت الأبيض، وجميعهن سيدات أنيقات، كل على طريقتها. ومن الفساتين المعروضة فستان مخملي مزدان باللآلئ صمم خصيصًا لغريس أميرة موناكو بمناسبة عيد ميلادها الأربعين. وارتدت هذا التصميم لأول مرة عارضة الأزياء دانييل سلاڤيك، المفضلة لدى السيد بالنسياغا – والتي عادت مؤخرًا إلى الدار لعرض تصميم طبق الأصل لهذا الفستان في عرض مجموعة الأزياء الراقية رقم 52 للمصمم «ديمنا»، لتنشئ بذلك رابطًا بين تراث «بالنسياغا» وإرثها.

ابتعد السيد بالنسياغا عبر تصاميمه عن الأعراف الاجتماعية والثقافية السائدة في ذلك الوقت، وأدخل مسحات من التجريد والتي غيرت من نقاط التركيز، وطمست محيط الخصر، وزادت من الحجم. وهذه القدرة على الابتكار، والإلمام بالأقمشة، والإحساس بالنسب والقياس، والرؤية والتفسير لجسم المرأة، وضعته في رتبة أحد أكثر المصممين تأثيرًا في ذلك العصر – وفي كل العصور. ويشير المدير الإبداعي للدار ديمنا: «إنّما فعله [بالنسياغا] بالأزياء على الجسم إنما هو أشبه بعملية تجميل».

ومن خلال هذا المعرض، تقترح «بالنسياغا» طريقة أخرى لرؤية وتقدير الأزياء والنساء القائمات عليها إذ يكشف معرض Woman Behind the Dress عن الحساسية الشديدة لتفرد شكل الإنسان، وطرق التعبير عن الشخصية من خلال الفنيات. وتتميز إبداعات «بالنسياغا» بدقة متناهية فضلاً عن طبيعتها المتغيرة، التي غالبًا ما يتم التغاضي عن هذه التفاصيل في معارض أخرى، ويعزى السبب في ذلك إلى أن الموضة يتم تقديمها عادةً بمقاس معياري وحيد.

يكمل المدير الإبداعي الحالي للعلامة «ديمنا» المسيرة الإبداعية للدار وذلك من يوم تسلمه مهامه في 7 أكتوبر ٢٠١٥. في ٧ يوليو ٢٠٢١ حفر «ديمنا» اسمه في سجلات التاريخ، حيث أطلقت «بالنسياغا» مجموعتها الأولى من الأزياء الراقية بعد مضي أكثر من خمسة عقود. وقد برهن حفل إعادة الافتتاح الكبير للصالون التاريخي George V Couture على قدرة ديمنا على إتقان التقليد الفرنسي المتمثل في تصميم الأزياء الرائدة المصممة حسب المقاس، وكانت هذه المناسبة الجليلة بمثابة عودة مظفرة للأهداف الأصلية للدار .أما مجموعة الأزياء الراقية الـ52 ، والتي عرضت يوم 5 يوليو ٢٠٢٣، فتحتفي بالسعي وراء الكمال في تصميم الأزياء الراقية، وبينما نسلم بأن الكمال الحقيقي لا يمكن تحقيقه، فإنه يظل طموحًا يهتدي به المصممون. وتضمن العرض، الذي أقيم في 10 شارع جورج الخامس، مشهدًا موسيقيًا مبتكرًا للفنان BFRND أعاد فيه صياغة أعمال أوبرالية لماريا كالاس بتنسيق غير مسبوق من دون مصاحبة الآلات الموسيقية، وهو ما تمكن من تحقيقه بمساعدة برامج الذكاء الاصطناعي. وبدأت المجموعة بعرض التصور الجديد للتصميم الأصلي من إبداع كريستوبال بالنسياغا، وتبع ذلك عرض للحياكة المستوحاة من العمارة مع تسليط الضوء على الأكتاف الحادة، وفتحات العنق المثلثة المنحنية، والخصور المرسومة، والتي غالبًا ما تصنع من أقمشة غير متوقعة مثل الدنيم الياباني المنسوج على أنوال عتيقة.

وتساعد تقنيات الخداع البصري في الإيحاء بالملمس، حيث تم استنساخ نقشة المربعات وملمس جلد الثعبان وكذلك الأزرار في لوحات قماشية من الكتان مرسومة يدويًا تستغرق كل قطعة منها ساعات طوال لإتمامها. ويظهر الهيكل من خلال النحت الدقيق، مع تحويل أزياء الخروج المصنوعة من الصوف والأوشحة الكشميرية لتبدو وكأنها تذروها الرياح، وعزز ذلك البطانات المحبوكة.

وتتوهج أزياء السهرة بأقمشة التفتا الهفهافة وتأثيراتها المرنة، حيث تزدان بآلاف الكريستالات والأشرطة فائقة التنميق. واختتم العرض بفستان مطبوع ثلاثي الأبعاد يخطف الأنظار بتصميمه الذي يشبه الدرع، حيث يجمع بين التقنيات الكلاسيكية والتكنولوجيا الحديثة، ليرمز بذلك إلى تطور مشهد الأزياء الراقية.

وفي النهاية، تعكس مجموعة «بالنسياغا» التفاعل بين حرفية الإنسان والابتكار التقني، ما يشير إلى أنه يمكن الوصول إلى الكمال من خلال دمج هذين العنصرين في عالم الموضة الراقية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى