لايف ستايل

تعرفي على الشيخة الزين الصباح أول سفيرة للكويت لدى الولايات المتحدة


الشيخة الزين الصباح بعدسة Shuran Huang

أصبح اسم الشيخة الزين الصباح على كل لسان بعد أن عيّنها صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح سفيرة للدولة لدى الولايات المتحدة يوم 12 مارس 2023، لتكون بذلك أول امرأة تشغل هذا المنصب رسمياً.

والحقّ يُقال إن الشيخة الزين قد استحقت هذا المنصب عن جدارة، فمسيرتها المهنية حافلة سواء في الإعلام الدولي، أو ريادة الأعمال، أو الدفاع [عن أصحاب الحقوق]، أو بناء السياسات أو تنمية الشباب؛ وإنجازاتها كثيرة استحقت عنها «جائزة القيادة المتميزة» مرتين في مجال خدمة الشباب من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ومجال الخدمة العامة، وجائزة «المرأة الملهمة لعام 2015» ضمن جوائز المرأة العربية، و«جائزة الهيثم للإعلام العربي» لعام 2017 من مجلس الوحدة الإعلامية العربية، وجائزة الخريجين المتميزين عن «خدمة المهنة» من جامعة بوسطن، وجائزة «السيدات العربيات المؤثرات» من مجلة «ليدرز ميدل إيست».

استهلّت الشيخة زين مسيرتها الحافلة بعد حصولها على بكالوريوس في الصحافة من جامعة بوسطن، وماجستير في الفنون الجميلة من «كلية الفنون السينمائية» بجامعة كاليفورنيا الجنوبية. وقد دأبت من خلال ما تولته من مناصب في كلا القطاعين العام والخاص، على الدفاع عن الدمج الاجتماعي والتعددية في مجالي الأعمال والإعلام، ومن ثم أخذت على عاتقها مهمة توفير ملاذات لرواد الأعمال في مجال الإعلام ورواة القصص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتجمع والتعاون والمساعدة في نشر رسائل السلام والتعددية في جميع مشروعاتهم.

حققت الشيخة الزين نجاحاً ملحوظاً في القطاع الخاص، فقد سبق أن شغلت منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق للمجموعة الوطنية للصناعات الإبداعية (نسيج)، وهي مؤسسة حائزة جوائز أسستها سموها لإنتاج محتوى يركز على إحداث التأثير، أشرفت الزين على تصميم وتنفيذ حَرَم لاستوديو وسائط متعددة على مستوى عالمي خاص بالشركة، والذي يعد أكبر منشأة من نوعها في المنطقة تخضع للملكية الخاصة، كما يعد مركزًا لعدد من الأعمال الإنتاجية الإعلامية الإقليمية الشهيرة. وتحت قيادتها، تعاونت الشركة مع نتفليكس لبناء وتشغيل أول حاضنة/مسرّعة أعمال إبداعية للخدمات العالمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، ولسد الفجوة الكبيرة، من وجهة نظرها، بين الأسواق الشرقية والغربية، تعاونت الشركة مع عدد من التكتلات الإعلامية العالمية والإقليمية، ومن بينها شركة المحتوى المتميز متعددة الجنسيات OSN، لإعداد وإنتاج أعمال متعددة التنسيقات على منصات متعددة تجذب السوق العالمية. ومن منطلق فهمها لقيمة التمثيل اللائق للصناعة، قادت الشيخةُ الزين المؤسسةَ للتوقيع مع وكالة CAA، وكالة الترفيه والرياضة الرائدة في العالم.

الشيخة الزين الصباح بعدسة Shuran Huang

أما في القطاع العام، تولت الشيخة الزين منصب وكيل وزارة الدولة لشؤون الشباب في الكويت، حيث قادت عدة مبادرات منها صياغة أول سياسة وطنية للشباب في البلاد، ودفع مجتمعها الناشئ في ريادة الأعمال، وتأسيس أول صندوق للأفلام القصيرة. وتحت قيادتها، منحت جامعة الدول العربية الكويت لقب «عاصمة الشباب العربي».

وقبل ذلك، عملت في برنامج «أخبار العالم الليلة» بقناة ABC News مع الإعلامي الراحل بيتر جينينغز في نيويورك، ثم انخرطت في مجال الإنتاج وأطلقت عددًا من الأعمال الحائزة عدة جوائز، منها فيلم «الرحلة إلى مكة» الذي عُرض لأول مرة في «متحف سميثسونيان للتاريخ الطبيعي» في واشنطن العاصمة، وفيلم «أمريكا» الذي اختاره «مهرجان صاندانس السينمائي» عام 2009 ضمن عروضه الرسمية وفاز بجائزة النقاد السينمائيين الدوليين في «مهرجان كان السينمائي» وجائزة أفضل فيلم في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي».

علاوةً على ذلك، انضمت إلى عضوية مجالس إدارات عدد من المؤسسات الدولية منها مجلس إدارة COM، ومجلس «المساواة الآن»، و«مؤسسة الفنون العشر» بأكاديمية نيويورك للأفلام، وكانت سابقًا عضوة في مجلس إدارة شبكة OSN حيث عملت نائبة للرئيس. وهي عضوة في «مبادرة القيادة في الشرق الأوسط» بمعهد أسبن.

لا شك أن الشيخة الزين الصباح تتمتع بشخصية استثنائية، وهي الرمز الذي يطوي بداخله قصة أمة بأسرها. إن العقل ليقف حائرًا أمام شدة اندماج أول سفيرة للكويت لدى الولايات المتحدة الأمريكية داخل نسيج وطنها – منذ طفولتها التي أمضتها لاجئة في لندن حتى السنوات التي قضتها تخدم فيها بلادها أو أملها في وطنها الذي لا يكف عن النمو والتعلم.

بيد أننا نكتشف، خلف تواضعها، شيئًا يتجاوز نسبها الملكي وإنجازاتها الباهرة، امرأة لا تختلف كثيرًا عن النساء والفتيات العربيات في أرجاء منطقتنا والتي تدافع عن قوتهن وضعفهن وعواطفهن بكلماتها. ويكمن في صميم هذا المسلك المتواضع إحساسها بالمسؤولية تجاه الكويت، والذي لا ينبع من انتمائها إلى الأسرة الحاكمة، وإنما من حقيقة أنها كويتية. «أرى ذلك نتاجًا ثانويًا وطبيعيًا للانتماء إلى المجتمع الكويتي العظيم بتطلعاته الكبرى وأحزانه المشتركة وتجاربه الجميلة»، مضيفةً بأن منصبها الجديد يعزز هذا الإحساس داخلها وخاصة لأنها نالت ثقة صاحب السمو أمير دولة الكويت، الشيخ نواف الأحمد الصباح، وبلادها بالطبع.

الشيخة الزين الصباح بعدسة Shuran Huang

وغالبًا ما تبدأ يومها الحافل بالمسؤوليات في واشنطن مبكرًا بالصلاة والتأمل – وهو النشاط الذي يحافظ على تركيزها حتى في أكثر أيامها إرهاقًا. بعدها تأتي النزهات الطويلة بين الأماكن الخضراء الهادئة في المدينة، والتي تسبق الأيام الزاخرة بالمناسبات في السفارة. «أي أحد يعمل في هذا المجال، وخاصة في واشنطن العاصمة، يعلم أنها وظيفة بدوام كامل، تتضمن عادة نوبتين». ويبدو أن الشيخة الزين تتعامل مع هذه الأيام الحافلة بالاجتماعات والالتزامات برصانة وبراعة، رغم أنها أول وظيفة لها في الحقل الدبلوماسي. وفي رأيها، يعتمد كل شيء في المجال الدبلوماسي العالمي على التركيز على أصغر الخيوط في النسيج. «بغض النظر عن القضية المطروحة، فقد وجدت، في كثير من الأحيان، أنه رغم العناوين الرئيسية اللافتة والتصريحات الجريئة، فإن القصص المتبادلة بين الناس والتعامل المباشر بينهم وراء الأحداث، هي التي تؤثر على الطريقة المعقدة لرسم السياسات وتطبيقها. بصراحة، يمكننا الحديث عن طبيعة المجال الدبلوماسي والتعقيدات السياسية ومتاعب الميزانيات والبيروقراطية، ولكن لا شيء أقوى من التجارب الإنسانية المشتركة في جمع الناس معًا حول نار المخيم وبناء الزخم وقيادة التغيير».

ولم يقدها القرار الذي اتخذته في لندن منذ عدة سنوات إلى تقلد منصب السفيرة فحسب، بل أتاح لها أيضًا الاستعداد لهذه المهمة. ففي عمر الخامسة عشرة، لاحظت الشيخة الزين، حينما كانت لاجئة من جراء الحرب العراقية الكويتية، كيف شكلت وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلامية حدثًا جعلها لا تدري موقعها في العالم. وتتذكر اليوم الذي تسللت فيه أسرار القبندي، العضوة البارزة في حركة المقاومة الكويتية، إلى موجات الأثير مناشدةً المساعدة، فأضفت طابعًا إنسانيًا على قصة لم يتصد لها أحد حتى الآن. «حينها قررت أن أسعى للعمل في وسائل الإعلام والاتصالات الدولية. ومنذ أن اتخذت هذا القرار، سعدت بالعمل في الأخبار والسياسة والترفيه والإعلام، ومؤخرًا في المجال الدبلوماسي».

ويعد الوقت الذي قضته في وزارة الدولة لشؤون الشباب أبرز المحطات في مسيرتها المهنية اللامعة والتي قادتها إلى واشنطن، كما يبرهن على إخلاصها للكويت، وتصفه بأنه «شرف عظيم» في حياتها المهنية. فمن خلال هذا المنصب، ساعدت في رسم مستقبل أمة تقل أعمارها في الغالب عن 34 عامًا – تمثل  72% من السكان على وجه الدقة. وكفل تعاونها في إنجاز مشروعات ضخمة، مثل السياسة الوطنية للشباب ووضع تمكين الشباب في مقدمة اهتمامات السياسة العامة، تحويل رؤيتها المتمثلة في الاعتراف بالشباب كقوة دافعة للكويت الجديدة إلى حقيقة. وتذكر باعتزاز «امتياز اكتشاف مجتمع الشباب بالكويت والعمل إلى جانبهم؛ من شباب وشابات استثنائيين يعيدون تعريف وجه أمتنا وتشكيلها». وقد دفعتها تلك الروح المفعمة بالشباب التي لا يحدها حدود والأمل الذي تحملها معها حتى يومنا إلى إسداء النصيحة التالية لشباب الكويت: «أود أن أقول لهم أن يحطموا القوالب التي دائمًا ما يُطلب منهم حصر أنفسهم داخلها».

وبينما تهتدي، بكل تأكيد، بالحب الذي تحمله بين جنباتها للكويت وما قدّمت من أعمال من أجل هذه الغاية، يظل الفضل لعائلتها في الاحتفاظ بهذا الدور الجوهري. تقول: «أيًا كانت وظيفتي أو مكاني في العالم، تأتي عائلتي دائمًا، وستظل، على رأس أولوياتي». وتعتبر والديها الراحلين – المغفور لهما بإذن الله – سمو الشيخ صباح ناصر الصباح وسمو الشيخة الشيخة صباح السالم الصباح أكبر منبع للإلهام، وهما اللذان رفضا مغادرة الكويت ليظلا داخل البلاد طوال فترة الغزو؛ حيث قاد سمو الشيخ صباح حركة المقاومة المدنية، وأيضًا عمها الراحل سمو الشيخ سعود ناصر الصباح، السفير الأسبق لدى الولايات المتحدة وصاحب الفضل في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي. وهكذا، يجري حب الوطن منها مجرى الدم، ولكن تقف الأسرة أيضًا وراء جوانب أخرى من حياتها. فقد استمدت الشيخة من والدتها فهمها للموضة بوصفها لغةً أو شكلاً من أشكال التعبير. وعن ذلك، تقول: «لطالما أعجبت بحبها للتصاميم الكلاسيكية والقطع الخالدة، مع الاستعانة بالعناصر غير المتوقعة لتستعين بها في التعبير عن نفسها، وهو أمر لطالما أعجبني وأحاول دومًا محاكاته بطريقتي الخاصة».

وتعتبر الهوية الحقيقية مهمة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالأنوثة. تقول: «يجب أن نتذكر دائمًا أن النساء بطبيعتهن من عوامل إحداث التغيير. فنحن نمتلك القوة لإحداث تغيير إيجابي في أي بيئة نختار صنعها، سواء في المنزل أو خلافه، من خلال التساؤل وغرس بذور الأمل والعزم والرحمة والحب في عقول وقلوب كل من حولنا». تلك هي الطبيعة التي لمستها في النساء الكويتيات، والتي تبرهن على أن المستقبل سيغدو أفضل لأنهن يشاركن في رسمه. «لطالما كانت المرأة الكويتية عاملاً محوريًا في تغيير قواعد اللعبة والمبادرات باتخاذ الخطوة الأولى في المجالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية في الدولة وفي جميع أنحاء المنطقة، وكانت مصدر إلهام لنا جميعًا». يبدو أن كلماتها ستظل عالقة في الذاكرة، لتذكرنا بأنها واحدة من هؤلاء الملهمات، فهي امرأة كويتية تسعى صوب مستقبل أكثر إشراقًا تحرص على بنائه مع أبناء وطنها».

 



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى