منظمة حرر فتاة المهتمة بمكافحة الاتجار بالأطفال تعين جيسيكا قهواتي سفيرة لها
قد لاقى الاستغلال الجنسي للأطفال اهتمامًا كبيرًا من الحكومات والجمعيات والمنظمات والمشاهير حول العالم، فبذلوا جهودًا منها الفردية ومنها الجماعية لمكافحة هذه الجريمة البغضاء بحقّ الطفولة ولإنقاذ أكبر عددٍ ممكن من الأطفال من بين براثن عصابات منظمة فتكت ببراءتهم وقتلت أحلامهم
يعد الاستغلال الجنسي للأطفال انتهاكًا خطيرًا لحقوقهم. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن مليوني طفل في أنحاء العالم يتعرضون للاستغلال الجنسي. وتبلغ أرباح صناعة الاتجار بالبشر الإجرامية 150 مليار سنويًا. لذا تعد من أسرع الصناعات الإجرامية نموًا في أرجاء العالم.
«حرّر فتاة» Free a Girl هي واحدة من المنظمات المهتمة بمكافحة الاتجار بالأطفال، وقد تحدثت عنها إيڤلين هولسكين المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية لـ «حرّر فتاة» بالولايات المتحدة. شرحت السيدة هولسكين أن «حرّر فتاة» تعمل على إنقاذ الفتيات القاصرات من التعرض للاستغلال الجنسي. وأنقذت حتى يومنا هذا أكثر من 7 آلاف ناجية على مستوى العالم، كما تساعد الناجيات على تحقيق العدالة من خلال ملاحقة الجناة والتصدي لمسألة الإفلات من العقوبة. علاوةً على ذلك تتابع المنظمة الفتيات الناجيات وبعد تعافيهن تمكّنهن من الاضطلاع بدور رقابي لزيادة الوعي والعمل كأداة تغيير في مجتمعاتهن. ويدرب برنامجها «مدرسة العدالة» الناجيات على أن يصبحن أفضل محاميات ومساعدات محاميات وضابطات شرطة وأخصائيات اجتماعيات وصحفيات لتغيير النظام من الداخل.
مؤخرًا عيّنت «حرّر فتاة» جيسيكا قهواتي سفيرة لها لأنها درست قانون حقوق الإنسان وتشارك بنشاط في القضايا الاجتماعية ولديها عدد كبير من المتابعين المخلصين الذين يرونها مثالًا يُحتذى به، وفعلًا جذب إشراكها في هذه الحملة مزيد من الاهتمام لمنظمة «حرّر فتاة» وساهم في زيادة الوعي بقضية الاتجار بالأطفال.
وجيسيكا قهواتي هي عارضة دولية، رائدة أعمال، وداعية لحقوق الإنسان. من خلال مسيرة واسعة بدأت من عمر الرابعة عشرة، أصبحت الشخصية الأسترالية متعددة القدرات وذات الأصول الشرق أوسطية جسرًا بين الثقافات في صناعة الأزياء والإنسانية كسفيرة لبعض العلامات التجارية الحصرية في العالم. شاركت جيسيكا في عدد من الرحلات الإنسانية إلى بنغلاديش في مهمة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وحدود سوريا مع اليونيسيف لزيادة الوعي وجمع الأموال لمعاناة اللاجئين. تلقت جيسيكا بفضل عملها التأثيري دعوة للتحدث أمام المجلس الدولي في الأمم المتحدة في نيويورك حيث ألقت الضوء على قضايا الشباب والنوع الاجتماعي في الشرق الأوسط.
التعاون مع العلامات التجارية على مر السنين تراوح من سفارات بارزة إلى كونها الوجه الذي يمثل «وعد بالقيام»، وهو جهد إنساني من لويس فويتون واليونيسيف. على مر السنين، تم تضمين جيسيكا في مئات المنشورات على مستوى العالم تقديرًا لجهودها كمثال رائد على الجمع القوي بين الجمال والهدف.
أما إيفيلين هولسكن فهي امرأة كرست حياتها لمكافحة استغلال الأطفال جنسيًا. مع مؤسستها Free a Girl، تمكّنت من إنقاذ أكثر من 7000 فتاة من حالات استغلال جنسي. وتقديرًا لجهودها الملحوظة، تم تكريمها مؤخرًا بجائزة «بطلتها عمر الإنجاز» المرموقة من جمعية نيويورك للمحامين.
كان شغف إيفيلين هولسكن بالعدالة الاجتماعية واضحًا منذ صغرها. كانت تكتب رسائل للمنظمة الدولية للعفو وتشارك بنشاط في مسيرات حقوق الإنسان وهي طفلة. استمرت التزامها بإحداث تأثير إيجابي على المجتمع في النمو طوال حياتها. بعد إكمال دراستها في الاقتصاد التجاري والأعمال الدولية، عملت في مجالات مختلفة مع الحفاظ دائمًا على التركيز على رفاهية البشرية والعالم من حولها. قبل تأسيس Free a Girl، انخرطت إيفيلين في مجالات متنوعة تهدف إلى تعزيز الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية. كمستشارة تسويق، عملت على ضمان إنتاج مستدام للحقائب في البلدان النامية. بالإضافة إلى ذلك، قضت خمس سنوات كجمع تبرعات ومنسقة برامج لمنظمة غير ربحية هولندية تدعى Plan International Netherlands.
أخذت حياة إيفيلين منعطفًا حاسمًا عندما قرأت مقالة في صحيفة تسلط الضوء على معاناة القصر الذين يعانون ويتم استغلالهم في بيوت الدعارة في الهند. مصممة على لفت الانتباه إلى هذه المسألة الخطيرة، انضمت إيفيلين إلى أرجان إركل ويولانته كاباو ورويلوف فان لار لتأسيس Free a Girl في عام 2008 في هولندا.
تساعد Free a Girl الناجيات في تحقيق العدالة من خلال تعقب المتسببين ومكافحة الإفلات من العقاب. بعد أن يحصلوا على الوقت الكافي للشفاء، تمكّن Free a Girl الفتيات من أن يصبحن حراس مراقبة للتوعية وعوامل تغيير في مجتمعاتهن. يقوم برنامجهم «School for Justice»» بتدريب الناجيات ليصبحن أفضل محاميات ومساعدات قانونيات وضباط شرطة وعاملات اجتماعيات وصحافيات، لتغيير النظام من الداخل. امتدت جهودهم المخلصة إلى بلدان مثل هولندا والهند ونيبال وبنغلاديش وتايلاند ولاوس والصين والعراق والبرازيل والولايات المتحدة. تعمل المؤسسة بدعم من الأفراد والشركات والمؤسسات الخيرية والحكومات، حيث يتعاون الجميع معًا لمكافحة هذه الجريمة المروعة.
ضمن إطار حملة «حرّر فتاة» اجتمعت المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية للحملة إيڤلين هولسكين مع الوجه الإعلاني وسفيرة الحملة جيسيكا قهواتي. تبادلت السيدتان الأفكار والخبرات وشددتا على أهمية الحملة لدرء الخطر عن الطفولة المنتهكة في مختلف أنحاء العالم. في البداية أرادت جيسيكا معرفة السبب الذي دفع إيفلين لإطلاق «حرّر فتاة»، وقد أجابت هذه الأخيرة قائلةً: «أدركت مدى جسامة قضية الاتجار الجنسي بالأطفال وطبيعتها المروعة وأحسست بأنه لم تُتخذ أي إجراءات في هذا الشأن في بيئتي المحيطة، ومن ثم توصلت إلى أنني أستطيع أيضًا المساهمة في تغيير العالم خطوة بخطوة». بالإجابة عن سؤال طرحته جيسيكا حول أكبر المصاعب التي واجهتها وكيف تغلبت عليها، أكدت إيفلين على ضرورة التصدي لكثير من التحديات عند معالجة مثل هذه القضية الواسعة الانتشار، وأشارت إلى الفساد وعدم كفاية التمويل وحتى تلقي تهديدات تمس سلامتها الشخصية كأبرز العقبات التي واجهتها أثناء عملها. غاصت جيسيكا أكثر في تفاصيل عمل إيفلين فطلبت منها أن تروي لها قصة إنقاذ لا تزال حية في ذاكرتها حتى الآن، فقالت إنها في خلال مسيرتها ورحلاتها حول العالم، قابلت آلاف الفتيات وملايين الأشخاص، لكلّ منهم قصة تترك أثرًا عميقًا في نفسها، وقد ذكرت إحدى الأمهات اللواتي التقت بهن في نيبال والتي كانت مفجوعة بخبر اختفاء ابنتها، وقد قالت والتأثر بادٍ على وجهها: «لا يزال قلب هولسكين يعتصر ألمًا كلما تذكرت الحزن والأسى في صوت الأم وهي تخبر قصتها، تذكر تفاصيل الجهد المضني الذي بذلوه إلى أن تمكنوا من العثور على ابنتها في دار بغاء في الهند».
تابعت جيسيكا حديثها وأبدت اهتمامًا فائقًا بالفتيات اللواتي التحقن بمدرسة العدالة التابعة لـ «حرّر فتاة»، وطلبت من إيفلين أن تذكر إحداهن ممن تركن فيها أثرًا كبيرًا، فأكدت مؤسسة المنظمة أن جميع الفتيات ملهمات حقًا.
فرغم ما يعانينه من صدمات قاسية لا يمكن تصورها، علاوة على التعرض للأخطار والغضب والاغتصاب، استطعن البقاء على قيد الحياة ومساعدة أنفسهن على الشفاء والتعافي. لقد منحهن صمودهن القدرة على دراسة مجال حقوق الإنسان، ما مكنهن من أن يصبحن عاملًا للتغيير داخل مجتمعاتهن. إنهن لم يشفين أنفسهن فقط، بل كرسن حياتهن أيضًا لمساعدة سائر الضحايا على التعافي واستعادة حياتهن.
ولما كانت جيسيكا تدرك أن مسيرة حافلة في مجال الدفاع عن حقوق الأطفال وسلامتهم لا يمكن أن تمرّ من دون أن تُحدث تغييرًا في حياة أيٍ كان، سألت إيفلين عن التغير الذي حدث في حياتها وشخصيتها منذ إطلاق منظمة «حرّر فتاة»، فذكرت إيفلين أنها فقدت براءتها وثقتها بالآخرين إلى حدٍ ما في خلال رحلة حافلة بدأتها من 15 عامًا، إلا أنها استدركت قائلةً: «ما زلت أؤمن إيمانًا راسخًا بأن الخير سينتصر على الشر وأن الأخيار أكثر من الأشرار». وذكرت أنها على مدى هذه السنوات حظيت بشرف لقاء شخصيات ملهمة رائعة، وفهمت أن الحرب على الاستغلال الجنسي للأطفال لهو عالم مظلم أشهده كثيرًا عن قرب، إلا أنها رغم الظلام، تشعر بالامتنان لأنه بمواصلة النضال والتشبث بالإيمان والأمل، يمكنها أن تلعب دورًا في وضع حد للاتجار بالأطفال، وقد قالت: «اكتشفت هدفي ووجدت القوة على خوض غمار هذه المعركة».
وتطرقت جيسيكا أيضًا إلى حملة «من الظلام إلى النور»، فشرحت إيفلين عن الحملة قائلةً: «تُبين الحملة جميع جوانب جهود مكافحة الاتجار بالأطفال، من عملية البحث إلى الإنقاذ، ومن تحقيق العدالة إلى إعادة الاندماج. ونوضح الواقع المظلم لمناطق دور البغاء في الهند والتي تنتهي برسالة أمل. ونسلط الضوء على الناجيات اللواتي أصبحن عاملًا للتغيير بدراستهن للحقوق أو العمل الاجتماعي. ونهدف، بهذه الحملة، إلى رفع مستوى الوعي بالمشكلة وإتاحة فرصة التبرع للناس. نأمل في إحداث فرق بتثقيف عامة الناس عن هذه القضية وتمكينهم من اتخاذ إجراءات».
أما إيفلين فأول ما تبادر إلى ذهنها عند الحديث مع جيسيكا هو سؤالها عن السبب الذي دفعها لدراسة حقوق الإنسان، وعن هذا السؤال أجابت جيسيكا أن قرارها كان نابعًا من إحساسها القوي بواجبها في مساعدة الناس وإيصال صوتهم عاليًا والنضال من أجل الفئات المهمشة، وقد قالت: «عندما كنت أصغر سنًا، بات واضحًا أني أمتلك صوتًا قويًا ومؤثرًا، ورأيت أنه من الأنسب تسخير هذه القوة لخدمة من وجدوا أنفسهم مغلوبين على أمرهم. لم يتسن لي أبدًا فهم كيف يمكن لجواز سفر أو مكان ميلاد تحديد مسارك وحظوظك في الحياة، وهذا التناقض كان شيئًا عانيت منه في نشأتي».
وعند سؤالها عن اهتمامها بقضية الاتجار بالجنس، ولا سيما فيما يخص القاصرات، أكّدت جيسيكا أنها لطالما اعتبرت الأطفال محور عملها الإنساني؛ لأنهم أضعف فئات المجتمع، معتبرة أن حمايتهم ليست مهمة وحسب بل ضرورية. هذه الرحلة ضد الاتجار بالجنس هي الأولى بالنسبة للشابة اللبنانية الأسترالية، وجاءت بعد عام من النقاشات المحمومة والتخطيط الدقيق مع منظمة «حرّر فتاة» غير الحكومية، وقد شرحت قائلة: «كانت مهمتنا بالغة التعقيد، وكان علينا أن نتوخى الحذر الشديد في حماية القاصرات
المعرضات للخطر والعملاء السريين البواسل»
وأتت إيفلين على ذكر المهمة التي نفذتها جيسيكا في إطار دورها كسفيرة في حملة التوعية العالمية التي نظمتها «حرّر فتاة» لمنظمة ’داركنس تو لايت‘، والتي تتطلبت منها السفر بسرية إلى الهند لإلقاء الضوء على قضية الاستغلال الجنسي للأطفال والتعرف على رحلة الناجيات من الظلام إلى النور، وقد تحدثت جيسيكا عن هذه التجربة بضيق، فما رأته كان فعلًا صادمًا، فالاستغلال الجنسي للأطفال ليس جريمة منعزلة تقتصر على الهند؛ وإنما مشكلة عالمية على حدّ قولها، وقد شرحت: «من المروع حقًا أن أعلم
بأن ملايين الأطفال يتم الاتجار بهم من أجل استغلالهم جنسيًا بدايةً من الهند وصولًا إلى جميع أنحاء العالم، وأن عددًا كبيرًا منهم ينتهي به المطاف إلى ملاذات آمنة ظاهريًا في العالم الغربي، وهو شيء يدعو للقلق ولا سيما أننا نتوقع من الدول المعروفة بمستوياتها العالية في رعاية الأطفال وحمايتهم أن تكون حصنًا يحميهم من مثل هذه الفظائع».
وعند سؤالها عن تجربتها في مدرسة العدالة، قالت جيسيكا إن المشاركة كمرشدة للفتيات في هذه المدرسة أتاح لها فرصة المساهمة في غرس الأمل في نفوس الفتيات، فكانت تسعى لتمكين الفتيات من إدراك أنهن المتحكمات في أجسامهن ومستقبلهن، بغض النظر عن صدمات الماضي. وشجعت الكثيرات منهن على متابعة دراسة القانون أو العمل الاجتماعي أو التدريب الشرطي وطمأنتهن أنه في كل نظام فاسد، هناك دائمًا حلفاء مستعدون للوقوف معهن. والجزء الذي لا يُمكن أن يُنسى هو القصص التي روتها الفتيات، اللواتي يمثلن أدوات التغيير المستقبلية، عن الشجاعة والقوة والصمود، ورؤيتهن لمكافحة استغلال الأطفال ورسالتهن التي لا تتزعزع لتحقيق العدالة للناجيات.
وعن أكثر اللحظات إلهامًا أجابت جيسيكا أنها لطالما أُعجبت بشجاعة أولئك الفتيات فعلى الرغم من نجاتهن من فظائع لا يمكن تصورها، فإن طموحهن في أن يكن حافزًا للتغيير بدلًا من الاستسلام لصدماتهن النفسية لمس وترًا حساسًا داخلها، وقد لفتت سفيرة «حرّر فتاة» النظر إلى إيجابيتهن التي لا تتزعزع وابتسامتهن الصامدة، حتى في مواجهة الشدائد، وأشادت بشجاعتهن وتصميمهن رغبتهن العميقة في التأكيد على محاسبة كل مجرم.
وأرادت إيفلين أن تعرف ما الأثر الذي تركته الحملة على جيسيكا، فأجابت هذه الأخيرة قائلةً: «يُعد التعاون مع «حرّر فتاة» محطة مهمة جدًا في مسيرة جيسيكا، أثر بها كثيرًا وعلمها الكثير وعلى رأس الدروس التي تعلمتها من هذه التجربة هو الالتزام بالوقوف بجانب الأطفال من ضحايا الاتجار الجنسي الذين لا حصر لهم،» وأضافت: «على الرغم من أنني كنت دائمًا أدرك مدى خطورة هذه القضية، فإن الحديث مع الناجيات شخصيًا قد أكد على حقيقة محنتهن المروعة. أطمح في التأثير على حياتهن، بل وتغيير مسارهن تغييرًا جذريًا، ومنح هؤلاء الضحايا البريئات فرصة في مستقبل أفضل».
الموضوع ظهر للمرة الأولى على صفحات عدد سبتمبر عام 2023 من المجلة
اكتشاف المزيد من اناقة أنثى
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.