لايف ستايل

حوار حصري مع مؤسسة شركة أرت دي إيجيبت وحارسة الثقافة والفن نادين عبد الغفار


نادين عبد الغفار بعدسة Louay Nasser

مع اقتراب موعد معرض «الأبد هو الآن» بنسخته الثالثة، حديث مع مؤسسة شركة أرت دي إيجيبت وحارسة الثقافة والفن المصرية نادين عبد الغفار

كيف تطور معرض «الأبد هو الآن» منذ انطلاقه عام 2021؟ في كل عام، نعمل مع فنانينا ومع المجلس التنظيمي والاستشاري لمناقشة الموضوعات التي نرغب في تناولها من الناحية النظرية من خلال المعرض. وكانت أبرز أحداث العام الأول تسليط الضوء على المزج بين الفن المعاصر وموقع اليونسكو للتراث العالمي لأول مرة في معرض فني منظم، بينما ركزت النسخة الثانية على كيفية الانتقال بين عالمنا القديم ومستقبلنا التكنولوجي، بين الآثار الخالدة والبيئات المعرضة للخطر، مع ربط ذلك بقوة بالاستدامة وحماية البيئة في العام الذي استضافت مصر فيه مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 28». وأخيرًا، ينصب تركيزنا في النسخة الثالثة على فكرة اللعب والتفاعل، وإقامة معرض ديناميكي وجذاب يثير فضول زواره ويحثهم على الإبداع، ويطلب منهم كذلك أن يكونوا هم أنفسهم جزءًا من العمل.

يقام معرض «الأبد هو الآن» تحت سفح أهرامات الجيزة العريقة. ما الفرص والتحديات المرتبطة باستضافة الفن المعاصر في مثل هذا الموقع التاريخي؟ ثمة فرص إبداعية هائلة تنبع من استضافة معرض فني معاصر في مثل هذا الموقع التاريخي الذي يحظى بشهرة عالمية، وثمة حوار عبر الزمن يتيح للفنانين إمكانية المساهمة برؤيتهم في التاريخ، ليصبحوا أبطالاً في سرد أكبر يصبح فيه الفن مسؤولية جماعية. ولكن مع قصة النجاح هذه، تظهر الكثير من التحديات أيضًا، وكما أقول دائمًا إن هذا المشروع يتطلب مشاركة جماعية، ولن نستطيع إقامته لولا دعم كل من آمن بنا طوال السنوات السبع الماضية.

ألا تقدمين لنا لمحة عن كيفية اختيار الفنانين المشاركين في نسخة 2023؟ وما المعايير التي أخذتموها بعين الاعتبار؟ في كل عام،
بعد العمل على الإدارة التنظيمية والفنية للمعرض، إما أن نتواصل مع فنانين معروفين لديهم تخصصات عديدة من شتى أنحاء العالم، أو أن يتواصلوا هم معنا، وخاصة أولئك الذين يستمدون الإلهام من تنفيذ أعمال نوعية في الموقع، ومن مفهوم دمج الثقافة والفن والتاريخ في ممارساتهم. لدينا أيضًا مجلس استشاري وتنظيمي يقترح علينا أسماء فنانين من دول مختلفة ممن يتفهمون رؤيتنا ورسالتنا، ويوفّروا لنا سبيل التواصل معهم.

تدور نسخة هذا العام حول مفهوم «اللعب»، ألا توضحين لنا ذلك؟ تشير النسخة الثالثة من معرض «الأبد هو الآن» إلى الأرض والتاريخ والبيئة والإنسانية من خلال عرض الأعمال الفنية المعاصرة في ذلك الموقع الرائع بأهرامات الجيزة. وعبر تجربة غامرة للفن العام، يسلط المعرض الضوء على محاولات ترجمة مصر القديمة بمستوياتها العديدة إلى لغة عصرية، وهو ما يتجلى في عرض أعمال لفنانين محليين وعالميين تروي قصة عالمنا الذي يتغير بوتيرة متسارعة. وجمهور المعرض مدعو لاستكشاف قوة المنظور في عالم يتجاوز الحقيقة. وبعد جمع كل هذه المجموعة الكبيرة من الأعمال الفنية تحت سقف واحد، فالزوار مدعوون لاستكشاف الفن المعاصر بطريقة جديدة ويسيرة من خلال الحوار والإبداع. كما يُطلب منهم التفاعل مع الأعمال، إذ يبدأ المرح مع الأعمال عند مواجهة الزائر لها وقراره بتوظيف أفكاره وفضوله.

اذكري لنا بعض الفنانين المشاركين وأعمالهم؟ يشارك هذا العام عدد كبير من الفنانين من خلفيات متنوعة وممارسات إبداعية مختلفة، والتي تتماشى مع رؤية هذا العام. هناك كارول فيويرمان، وآرني كوينز، وسام شندي، ومحمد بنوي، وكوستاس ڤاروتسوس، وديونيسيوس، وراشد الشعشعي، وسابين مارسيليس، والذين قاموا بإبداع أعمال مستوحاة من عناصر معمارية وتاريخية مختلفة من موقع اليونسكو للتراث العالمي وحضارته القديمة. وأبدع كل بيلار زيتا، وستيفان بروير، وعزة القبيسي، والشيخ راشد آل خليفة، وأرتور ليشر أعمالاً تفاعلية بمشاركة الجمهور. ويسعدنا انضمام جيه آر إلينا للعام الثالث بمشروع موازٍ، ونعرض نتائج مشروع العام الماضي Inside Out، والذي كان أول مشروع من نوعه يقام في مصر على الإطلاق.

في معرض «الأبد هو الآن» تثير «آرت ديجيبت باي كلتشرڤيتور» حوارات بين الفن المعاصر والتراث القديم. هل ترين أن هذا الحوار يشكل تصور الجمهور للفن والتاريخ على السواء؟ منذ أن أقيم معرض «النور الأبدي» للفن المعاصر في المتحف المصري بميدان التحرير لأول مرة عام 2017، بدأت أستخدم هذا الحدث كنقطة انطلاق وأخذنا فيه نطور فكرتنا. والفنان يستوحي من الموقع التاريخي ترجمة الثقافة والحضارة بلغة اليوم بشكل من أشكال التعبير الذي لا يقتصر بالضرورة على لغة منطوقة بعينها، بل يتجاوز الزمان والمكان ويتيح لكل زائر تفسير روايته الخاصة وتأليفها.

بعيدًا عن الأهرامات، ستقام نسخة هذا العام أيضًا في موقع مصري آخر مدرج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو. ألا تحدثينا عن ما ينتظر الجمهور في هذا الموقع الإضافي؟ يقدم مهرجان «لو كانت الجدران تتحدث» If The Walls Could Talk للفن والتصميم في قلعة صلاح الدين مثالاً آخر على قدرة «كلتشرڤيتور/آرت ديجيبت» على تطوير شكل مساحة ما باستخدام الحوار الثقافي والتأثير الفني
ودعوة المشاهدين إلى استكشاف الروايات الخفية الكامنة داخل المساحات التي نسكنها. وباستخدام طائفة متنوعة من التعابير الفنية، نسعى إلى تجاوز الحدود المادية للجدران والتعمق داخل العوالم غير الملموسة للذاكرة والخيال والوعي الجماعي. ومن المتوقع أن
يقدم المعرض أشكالاً مختلفة من الفن والتصميم من شتى أنحاء
العالم. والقلعة تعد في حد ذاتها معلمًا مهمًا ووجهة سياحية شهيرة، لذا فهي موقع مثالي لمثل هذا المعرض.

حصل المعرض على اعتراف ودعم دولي. كيف أثر ذلك على مشاهدات معرض «الأبد هو الآن» وما تأثيره على المستوى العالمي؟ زار معارضنا قرابة مليون زائر، سواء من الزوار المحليين وعشاق الفنون والسائحين الثقافيين، وفوق كل ذلك، كانت جميع الزيارات المدرسية والجامعية اليومية تنظمها المحافظات في أنحاء مصر. وغطت معارضنا أكثر من 1600 وسيلة إعلامية، العالمية منها والمحلية، وحققت مشاهدات عالمية بلغت
3 مليارات مشاهدة.

في السنوات الأخيرة، شاركت في تعاونات ناجحة مختلفة في مجالات الفن والموضة. كيف أثرت هذه التجارب على نهجك في تنظيم «الأبد هو الآن»؟ وُلدت فكرة «كلتشرڤيتور» من الحاجة إلى توسيع نطاق «آرت ديجيبت» في العالم، وجمع كل هذه المبادرات معًا تحت مظلة واحدة. وبعد النجاح الكبير للنسخة الثانية من «الأبد هو الآن» في عام 2022، اُختيرت «كلتشرڤيتور» لتكون مستشارًا رئيسيًا على الأرض في مصر في عرض أزياء «ديور» للرجال لخريف 2023 الذي أقيم في أهرامات الجيزة في ديسمبر 2022. وتلتزم المؤسسة بإضفاء الطابع الديمقراطي على الفن على الصعيد العالمي وتنشيط الساحات الفنية على مدار العام، مع إقامة مشروعات فرعية ومعارض دائمة مع فنانين إقليميين وعالميين، والتعاون مع العلامات العالمية والشخصيات العامة. وتعزيز التعاونات الجديدة وتشجيعها في المجال الإبداعي العالمي يعد أيضًا في صميم هذا النموذج، ويهدف إلى إقامة صلات جديدة وتجارب ثقافية غامرة لجمهور عالمي على المستوى الدولي.

ماذا تتمنين أن يتعلمه الزوار من نسخة عام 2023 لمعرض «الأبد هو الآن»، سواء من ناحية التقدير الفني أم الارتباط العميق بالتراث الثقافي المصري؟ يعد معرض «الأبد هو الآن» احتفاءً بسحر التراث الثقافي المصري القديم، وتمثل التركيبات المعاصرة شهادة على التطور المستمر للفن. ويشكل المعرض، الذي يقام في فترة عصيبة يضطرب فيه حاضرنا من نواح عدة، تكريمًا لديمومة حضارتنا وسعينا المستمر في الحياة. نتمنى أن يُسعد الزوار ويثير فضولهم ويجعلهم يدركوا أن الأمل والإيمان متجذرين
في علمنا بالماضي وفي الإيمان الذي لا يتزعزع بأنه لا سبيل لتصور المستقبل دون تاريخ.

 

الموضوع ظهر للمرة الأولى على صفحات عدد أكتوبر 2023 من المجلة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى