لايف ستايل

حوار حصري مع النجمة الثائرة أنجلينا جولي


تجرّب جولي -التي وقع اختيارها على المبنى رقم 57 بشارع غريت جونز، المنزل السابق لجان ميشيل باسكيات، ليكون واجهة متجر مشروعها الجديد- قليلاً من الطلاء البخّاخ على فستان من Atelier Jolie. الخواتم من Briony Raymond لدى brionyraymond.com

يبدو المبنى رقم 57 بشارع غريت جونز وسط مدينة نيويورك أشبه ببقعة مقدسة لعشاق الفن. وكان آندي وارهول قد اشترى هذا المبنى المؤلف من طابقين عام 1970، وذاع أنه أجّر الطابق الثاني لصديقه جان ميشيل باسكيات بعدها بعشر سنوات، بعد مدة وجيزة من لقائهما. والآن، بعدما اكتست واجهته بالكامل تقريبًا برسومات الغرافيتي، يبدو كما لو أن جميع فناني الشارع في نطاق دائرة نصف قطرها 30 ميلاً احتفوا به. تقول أنجلينا جولي بينما تنظر من تحت مظلتها الضخمة: «لعل بوسعنا أن نفعل شيئًا بكل هذا الفن». كان الجو ممطرًا في صباح أحد أيام الأحد في منتصف شهر يوليو، وكانت جولي قد وصلت توًا من الطائرة قادمةً من إيطاليا. وقبل ستة أشهر، كانت جولي قد اكتشفت، هي وابنتها الكبرى زهرة التي تبلغ من العمر 18 عامًا وتدرس بكلية «سبيلمان» في أتلانتا، هذا المكان أثناء بحثهما عن مساحات لمبيعات التجزئة وسط المدينة. وما أن دخلتا من الباب، أدركتا أن بحثهما قد بلغ نهايته. تقول جولي: «قد أكون شديدة الاندفاع، ولكن زهرة واقعية وحازمة وعاقلة. وعندما وافقت، أحسست أننا اتفقنا».

وهذا الشهر، ستفتح الممثلة والمخرجة وسفيرة النوايا الحسنة والمبعوثة الخاصة السابقة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أبواب «أتلييه جولي»، وهو مشروع له مفهوم واسع إلى حد ما يهدف إلى ترجمة قيمها ووعيها الاجتماعي وأفكارها العالمية في عالم الموضة. وهي تتطلع إلى أن يكون هذا المكان مساحةً تعاونية أو مزيجًا من مركز ثقافي وورشة تصميم يجمع بين خدمات التفصيل وإعادة التدوير مع غاليري للحرفيين المحليين ومقهى يُدار بالشراكة مع منظمات اللاجئين. تقول جولي وهي تصحبني في جولة داخل المكان قبل أن يبدأ المقاولون العمل: «التقيت كثيرًا من الحرفيين على مر السنوات – وكانوا في غاية الكفاءة والموهبة- وأود رؤيتهم يتطورون». وتضم قائمة المتعاونين معها صانع القبعات المقيم في لندن جاستن سميث، وصانع الدانتيل الجنوب إفريقي بيير فوشيه – ولكنها تقول: «لا يتعلق الأمر بالموضة حقًا». وتضيف سريعًا أن «أتلييه جولي» لا يتعلق بها هي شخصيًا. «لا أريد أن أصبح مصممة أزياء لامعة، بل أن أبني دارًا للآخرين ليصبحوا كذلك». وتسعى جولي لإقامة مجتمع، ومن هذا المنطلق، يكسر مشروعها القالب التقليدي للمشاهير – والذي غالبًا ما يضخم الإعجاب بشخصية المؤسس. ولعلّه من الأفضل مقارنة نموذج «أتلييه جولي» بعلامة «ذا رو» للفنانتين التوأم أولسن، فلم تطغى شهرتهما على الأزياء أو تقلل من قيمة الالتزام.

بدأت جولتنا في الطابق الثاني، وهو دور علوي يغمره الضوء مصمم بأسقف عالية وعوارض مكشوفة ومقاعد خشبية مستصلحة سيقيم فيه فريق من الخياطين قريبًا متجرًا للأقمشة الكاسدة والحرفية. وتستعرض جولي بنفسها بنطلونًا من الصوف الرمادي مصنوعًا حسب الطلب، وهو من الأنماط المتعددة التي ستتوفر حسب المقاس. وعلى سبيل المثال، ستبدأ تكلفة البنطلون المصنوع بمواصفات خاصة من 300 دولار أمريكي تقريبًا، مع خدمات للإصلاح تبدأ من 10 دولارات أمريكية للرقعة المزيّنة برسومات يدوية. وستتوفر أيضًا أدوات للإصلاح يمكن اقتناؤها في المنازل، ومركز لأنشطة تزيين الأزياء ذاتيًا بالترصيعات في المقهى، ويمكن للزبائن استخدامه مجانًا.

ورغم أن ملكية هذا المبنى انتقلت بين عدة ملاك منذ أن عاش فيه باسكيات، لا تزال آثار الفنان غزير الإنتاج باقية: مثل علامة الغرافيتي SAMO© (تُنطق سام – أو)، والتي ابتكرها مع صديقه آل دياز، محفورة على الأرضية الخرسانية. وصباح ذلك اليوم، كانت جولي تصطحب طاقمها الصغير: رئيسة العلامة والمديرة التنفيذية للعمليات هيلين أبواه، وجايلز دولي الذي يقدم المشورة للمشروع فيما يتعلق بتأثير الشركة. وكان قد بدأ مسيرته المهنية مصورًا موسيقيًا، ولكنه سرعان ما تحول، على حد قوله، إلى «رجل غاضب يحمل كاميرا» يهتم بآثار الصراعات على المجتمعات في أنحاء العالم. يقول: «كنت طوال السنوات العشرين الماضية أوثق القصص الإنسانية، ولمست الآثار السلبية للنزعة الاستهلاكية الغربية على البلدان النامية – من عمل الأطفال، والتعدين غير القانوني، والتلوث الناجم عن صباغة الأقمشة، واستغلال المزارعين، وغير ذلك الكثير. ويمكن أن يحقق «أتلييه جولي» تأثيرات إيجابية مدهشة على الحرفيين الذين غالبًا لا يُعترف بهم أو يُستهان بقيمتهم – ولكن ستسنح لنا أيضًا فرصة إثارة النقاش عن استغلال القوى العاملة والتلوث والنفايات». وتضيف أبواه: «تتصدر بيان جولي أيضًا فكرة أننا جميعًا مبدعون».

من اليسار أنجلينا جولي وابنتها زهرة وابنها باكس، وكلهم يرتدون أزياءً من Atelier Jolie. أنجلينا جولي تتزين بأساور مرصعة بالألماس، وسوار من الذهب، وخاتم من Briony Raymond لدى brionyraymond.com، زهرة تتزين بقرط حلقي من Briony Raymond لدى brionyraymond.com

وثمة دلائل تشير إلى أن الفريق بدأ ترك بصماته: فعلى مدخل الباب وُضعت لوحة قماشية فارغة تحمل شعار «أتلييه جولي» مكتوبًا بطلاء أبيض بخّاخ. وتتحدث جولي بفخر عن ابنها باكس، البالغ من العمر 19 عامًا والذي يشارك بنشاط مع زهرة في «أتلييه جولي» قائلة: «تلك من أعمال ابني». ولأنها أم عزباء لستة أبناء، تنظر جولي إلى المشروعات الكبرى، مثل هذا المشروع، على أنها لجميع أفراد العائلة، وتتحدث عن هذا الموضوع بتوسع وعلى نحو شخصي عندما يتطرق الحوار إلى أبنائها. وتخبرني: «أصبحت أمًا في السادسة والعشرين من عمري. وتغيرت حياتي بأكملها. لقد أنقذني الإنجاب – وعلمني أن أكون مختلفة في هذا العالم. وفي الآونة الأخيرة، أعتقد أنني كنت سأسلك سبيلاً أشد ظلمةً لو لم أرد العيش من أجلهم. إنهم أفضل مني لأن هذا ما تريدينه لأطفالك. وبالطبع أنا أم، وأتمنى أن أوفر لهم مكانًا آمنًا وبعض الاستقرار. ولكني أيضًا مَن يضحكون عليها، وأراهم يسيطرون على كثير من الجوانب المختلفة لعائلتنا».

وفي طريقنا إلى الطابق السفلي، قررت جولي ودولي إجراء نوع من التجارب الفنية التي يصنعها المرء بنفسه: وكانت جولي ترتدي في هذا اليوم أحد معاطفها المطرية المميزة باللون الكريمي -من العلامة المستدامة «أناذر تومورو»- ولكنها سرعان ما تخلعه في زاوية الاستوديو بالطابق السفلي ذي الإضاءة الساطعة. تقول: «نحاول أن نرى ما إن كنا نستطيع التقاط صور الوشوم وإحالتها إلى رقع – وتكمن الفكرة في أن تجعلي أزياءك شيئًا يخصك، بدلاً من أن تتخلصي منها ببساطة». وتدير ظهرها إلى كاميرا دولي وتتجرد من أزيائها حتى الخصر، كاشفةً عن شبكة كثيفة من الرسومات على جسمها. اتجهت أنا وأبواه نحو الباب، وانشغلنا سريعًا في دردشة خفيفة لنحاول منحها الخصوصية. لكن لا يبدو على النجمة السينمائية أي انزعاج في الغرفة.

ومن بين الوشوم التي تزين جسم جولي الرقيق كلمة «العزيمة» باللغة العربية التي تمتد على ذراعها اليمنى، وأخرى باللغة الإيطالية تعني «بيد أنها تتحرك»، وهي عبارة مشهورة منسوبة إلى غاليليو قالها بعد ملاحظاته العلمية الكاشفة عن النظام الشمسي، ما أفضى به إلى المحاكمة. تقول جولي:
«لو كان أبدنائي هنا لاحتارت أعينهم. كنت شديدة الحزن في صغري. كنت ساذجة ولم أكن الطفلة المحبوبة. وكنت أذهب إلى متاجر بيع منتجات التوفير، وأقطعها وأحرقها وأثقبها بأعقاب السجائر، هكذا كنت في مراهقتي، ولم أكن لأتغير أبدًا. ولعل هذا الجانب من شخصيتي يريد التراجع».

وكامرأة شبت على التمرد، كان أسلوب أزياء جولي يميل إلى البساطة والألوان الأحادية، مع نزعة مميزة نحو الرصانة والتحفظ. ولأنها كانت طوال عشرات السنوات منخرطة بشدة في القضايا الإنسانية، من الواضح أنها عملت بجد للتركيز على ما تفعله وليس على ما ترتديه. وتفضل جولي التسوق بنفسها والتعاون مع الخياطين بدلاً من منسقي الأزياء المشاهير. وتعترف قائلةً: «إن الكتب في خزانتي أكثر من الأزياء. ولست من أولئك الذين يحبون أن تستهلك الأزياء حياتهم. ولا أهوى فكرة التأثير».

لقد أحدث أسلوبها في الموضة تأثيرًا كبيرًا، رغم أنها لا تحب الاعتراف بذلك؛ فكل تغيير في إطلالتها كان يجري تحليله بكل دقة من جمهورها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يزد إحجامها الواضح عن الظهور بمظهر باهر إلا هوسًا بكل ما يتعلق بالفخامة الهادئة الآن (انظروا أيضًا إلى إطلالة غوينيث بالترو في المحكمة في 2023 وشخصية شيڤ روي في مسلسل «الخلافة»). وهذه الأيام، يستطيع موقع إلكتروني ما متخصص في الموضة -ينجح في تحليل اختيار جولي لحذاء يبدو عاديًا انتعلته في المطار- في حصد مئات الآلاف من النقرات. وهذه بالتحديد القوة التي تأمل جولي في تسخيرها في الأعمال الخيرية.

وتقول، مشيرةً إليها وإلى أبنائها: «أجد أن انخراطنا في الموضة أمرًا طريفًا إلى حد ما – ولا أعتقد أن أيًا منا يُفرط في «مواكبتها». ولكن بما أننا نعيش في أزيائنا، فهي تمثل جانبًا كبيرًا من هويتنا ومن المهم استكشافها، وخاصة للشباب». والأتلييه بالتحديد من هذا النوع من الأماكن الذي ستحب زيارته مع أبنائها. «أردت دومًا اصطحاب عائلتي إلى مكان يمكنني أن أقول فيه: هل أزياؤكم تمثلكم حقًا؟ أتمثلكم تمامًا؟ أتعجبكم؟ أعتقد أن الإنسان العادي لن يرى أنها تمثله. ولكني أعتقد أن التفصيل يفعل ذلك».

أنجلينا جولي بفستان حريري خفيف يراعي متطلبات البيئة وكاب مخملي من Chloé x Atelier Jolie لدى بوتيك Chloé SoHo؛ الخاتم من Briony Raymond لدى brionyraymond.com

وتقول لي جولي إن فكرة مشروعها الجديد ولدت من رغبتها في إثارة مناقشات عن تمثيل الذات والهوية بطريقة مباشرة. وتتذكر إحدى هذه المناقشات العائلية المهمة التي دارت حول العرض الأول لفيلهما «الأبديون» من سلسلة أفلام «مارڤل» في لوس أنجلوس عام 2021. وتؤكد: «لا أملي على أبنائي ما يرتدون. حتى عندما كانوا صغارًا، كنت أضع الأزياء أمامهم فقط». وينطبق الشيء نفسه على ظهورهم العام: «لا ينبغي لأحد أن يذهب إلى أي مكان لا يريد الذهاب إليه، وإذا أرادوا ألا يرتدوا أزياءً أنيقة، فليسوا مضطرين لذلك». وفي هذه المناسبة بالتحديد، ارتدى خمسة من أبنائها أزياءً أنيقة – بكل حماس. وشاءت جولي أن تجعل من ظهورهم على السجادة الحمراء تجربة في الأزياء الدائرية، فجمعت قطعًا من خزانتها وسمحت لهم بالاختيار. وكان من بين هذه الكومة من القطع: فستان بيج بثنيات عريضة من «غابرييلا هيرست» والذي اختارته ابنتها شيلوه -كانت آنذاك في الخامسة عشرة من عمرها ومعروفة ببدلاتها الأنيقة وقصات شعرها الصبيانية – وارتدته بطريقة شبابية بطول حتى الركبة. في حين اختارت زهرة فستانًا باهرًا مطرزًا بالخرز من «إيلي صعب» من مخزون والدتها، والذي شوهدت به لأول مرة في حفل توزيع جوائز الأوسكار عام 2014. وتتحدث عن ابنها الأصغر نوكس الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 13 عامًا قائلةً: «ذهبت مع بعضهم أيضًا لتسوق قطع الڤينتج – أعتقد أن كل أزياء نوكس كانت ڤينتج. وأرى أن القَصة كانت غير عادية تمامًا ورائعة للغاية. وأنا أريدهم أن يكونوا على طبيعتهم».

وفي وقت لاحق من صباح ذلك اليوم، قررت جولي زيارة غابرييلا هيرست، ودعتني لمرافقتها. وكان الثنائي قد تعاونا مع «كلوي» في تصميم مجموعة مصغرة تتألف من أزياء سهرة مستوحاة مباشرة من رقي جولي وبساطة ذوقها، وتحمست جولي لإخباري بالمزيد عنها. أما هيرست، التي تنتهي هذا الموسم مدة عملها في منصب المديرة الإبداعية لعلامة «كلوي» الممتدة لثلاث سنوات، فإن هذا المشروع يعد نوعًا ما آخر إنجازاتها. وتتنهد بينما نتجه بالسيارة إلى استوديو هيرست في تشيلسي قائلةً: «لم أكن أعلم مدى قلة عدد شركات الأزياء الحاصلة على شهادة «بي كورب» باستثناء كلوي» (تُمنح شهادة «بي كورب» للشركات التي تستوفي معايير عالية من التأثيرات الاجتماعية والبيئية). وتضيف جولي: «عملت غابي بجد شديد. وما هو بالأمر الهين». وجولي لا تبالغ في ذلك، إذ أصبحت الدار الفرنسية بفضلها أول علامة للأزياء الفاخرة تحصل على شهادة «بي كورب» عام 2021. ولأن جولي شهدت بنفسها أثار النزوح الناجم عن التغيرات المناخية، فإنها تأخذ هذا الإنجاز على محمل الجد. لقد غادرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ديسمبر الماضي، ويبدو بجلاء أنها تتطلع لاستكشاف سبل جديدة وأسرع لتقديم مساهمات هادفة. توضح قائلةً: «أمضيت أكثر من 20 عامًا من عمري أعمل في مجال السياسة الخارجية والإغاثة والنزوح والقوانين المتعلقة باللاجئين، وظللت أرى الأوضاع نفسها تتفاقم وتستمر بنفس الدورات. والآن أريد أن أحول تركيزي وأرى كيف يمكننا إقامة شراكات مع الناس في أنحاء العالم لتقديم ليس فقط التدريب المهني، بل أيضًا شراكات تجارية حقيقية. ولا أعتقد حقًا أن النظام الحالي يجدي نفعًا». وتبصر هيرست، التي تعرفت على جولي عن طريق صديق مشترك قبل عامين، أيضًا فرص نجاح في
هذه الشراكات، وتقول: «يعجبني أولئك الذين يستغلون شهرتهم في تسليط الضوء على من يحتاجونها. وهي خير مثال على ذلك».

وعلى الطبيعة، يتمتع الثنائي بتلك العلاقة العفوية التي تربط بين الأصدقاء القدامى. وتجلسان في مكتب هيرست المريح ترتشفان كوبين من الشاي الأخضر، ويتحول حديثهما إلى مزاح. تسألها جولي: «أتذكرين ذلك الاتصال المضحك الذي أجريناه على برنامج «زووم»؟ عندما كنا شبه عاريتين، ونجرب الأزياء بعضنا أمام بعض». أخرجت جولي هاتفها لتبحث عن الدليل. تبتسم هيرست قائلةً: «كنت أحتسي الشراب». تقول جولي، متصفحةً صورها المحفوظة: «كثير من اللقطات تبدو غريبة هنا. لا انتظري – أعتقد أنها هذه الصورة!». وتظهر على شاشتها لقطة مشوشة لهيرست ترتدي نصف أزيائها. ويغطي الخجل وجه المصممة، وتغرق كلتاهما في الضحك.

وترينا جولي صورة أخرى على هاتفها من طفولتها مع والدتها الممثلة مارشلين برتراند التي توفيت عام 2007 في السادسة والخمسين من عمرها بعد صراع دام ثماني سنوات مع سرطان المبيض والثدي. وفيها ترتدي الطفلة الصغيرة جولي كابًا مخمليًا أسود صغيرًا وثوبًا جميلاً أبيض من الكروشيه المحاك يدويًا. وتقول باعتزاز: «كان هذا أول كاب ارتديته»، وتستطرد: «كانت والدتي من جماعة الهيبيز، وتسمت بذلك الاسم، وكانت فخورة به للغاية. لم تكن تتسوق كثيرًا. وأحبت أزياءها المخملية وتلك المصنوعة من الجلد الوبري. لم تضع المكياج أبدًا أو تصفف شعرها حقًا. لم تكن تهوى البهرجة، وكانت أنيقة وعفوية».

كانت هذه الصورة الجميلة للأم وابنتها نقطة الانطلاق لتعاون «كلوي»، وأثارت نقاشًا واسعًا بين المرأتين. تقول هيرست: «أنا وأنجلينا أساسًا في نفس العمر، ثم علمت أن والدتها الراحلة [لو ظلت على قيد الحياة] لكانت في نفس عمر أمي الآن». وتظهر صورة بالأبيض والأسود لوالدة هيرست – وهي امرأة بوذية ومعلمة تايكوندو وراعية أبقار من الجيل الخامس في أوروغواي – موضوعة على المكتب خلفها. «لذا بدأت البحث عن والدة أنجلينا: جمالها وقوتها ورشاقتها».

ومن بين قطع المجموعة كاب مخملي مثير يلامس الأرض، ونسخة للكبار من ثوب الكروشيه الخاص بجولي في صغرها صنعها يدويًا حرفيو «لا فابريك نوماد»، وهي منظمة تتعامل مع اللاجئين في باريس. ويبرز الفستان الحريري الخفيف المميّز لجولي من بين مجموعة كبيرة من الظلال بلون البشرة – باقتراح من زهرة التي ناضلت من أجل العثور على القطعة الملائمة للون بشرتها البنية الداكنة. وبكل صراحة، تقول جولي: «لأني امرأة بيضاء كما هو واضح، لم أمر بهذه التجربة من قبل على الإطلاق»، وتضيف: «لم يخطر ببالي ذلك مطلقًا إلى أن ذهبنا للتسوّق معًا وأبصرت مجالاً واسعًا للتطوّر» (نسبة 84% من المجموعة مصنوعة بكامل قطعها باستعمال خامات مستدامة وملتزمة بالمعايير الأخلاقية).

وثمة كثير من أنشطة التفصيل هنا أيضًا -ومن أبرزها معطف أسود ضيق عند الخصر مقصوص من قماش الجازار الحريري العضوي – رغم أن الإطلالة بصفة عامة مستديرة برقّة، وليست حادة، وثرية بأكتاف ناعمة جدًا وأشكال منحنية. تقول جولي: «أحيانًا يخاطبك أسلوبك في ارتداء الأزياء: لا تعبثي معي – فأنا عصي على التغيير، وتضيف: «ولكني أريد امرأة تشعر بالثقة الكافية من أنها ستكون [ذات إطلالة] ناعمة. وبعدما مررت بتجربة تأذيت منها، لجأت إلى معالِج طلب مني أن أجرِّب ارتداء ملابس هفهافة. يبدو هذا الأمر سخيفًا، ولكنني افترضت أن البنطلون والحذاء طويل الساق قدّما إطلالة «أكثر صرامةً»، نسخة أكثر قوةً من شخصيتي. ولكن، هل كنت قوية بما يكفي لأن أكون ناعمة؟ في هذا الوقت، لا. كنت أشعر بأني عرضة للانتقاد. والآن، أتساءل ماذا لو لم أكن أعرف أسلوبي لأنني ما زلت أدرك هويتي في سن الثامنة والأربعين. وأظن أني كإنسانة أمر بمرحلة انتقالية». وتتوقف جولي بعض الوقت لتلملم أفكارها، وتقول: «أشعر حاليًا بشيء من الإحباط. ولا أشعر أنني كنت أعيش على طبيعتي طوال عقد من الزمن، بطريقة لا أريد الخوض فيها»، وربما تشير بذلك إلى مراقبة الرأي العام الكثيفة لها جراء طلاقها الصعب والذي استغرق وقتًا طويلاً من براد بيت. وتضيف أنها بدأت تقلل من عملها في السينما. توضح: «منذ سبع سنوات، أقبل فقط الأدوار التي لا تتطلب أوقات تصوير طويلة. لدينا الكثير لمعالجته، وما زلنا نبحث عن موطئ أقدامنا». ويبدو أن «أتلييه جولي» جزء من هذه العملية. «أعتقد أن جزءًا من هذا الأمر كان بمثابة علاج لي أيضًا – أن أعمل في مساحة إبداعية مع أشخاص أثق فيهم لأعيد اكتشاف نفسي»، وتضيف: «أرجو تغيير جوانب عديدة في حياتي. وهذا الأمر له الأولوية الأولى».

وقرب الظهيرة، تلقت جولي مكالمة من سائقها: يبدو أنها متأخرة على موعد مع باكس – حيث كانا يبحثان عن شقق في نيويورك (وقعت جولي للتو عقد إنتاج مسرحية The Outsiders في برودواي). وتلتف جولي لتعانق هيرست لتوديعها قائلة: «في الواقع، ليست لدي صديقات، لذلك كان الأمر طفرة مثيرة للاهتمام لي». وترد لها هيرست العناق وتودعها بقالب من شوكولاتة «ديك تايلور
كرافت» من معرضها المفضل والأصيل.

وشهد صباح اليوم التالي، داخل استوديو للتصوير في بروكلين مع آني ليبوڤيتز، ظهور روح جولي الحرة ووجهها الثوري. ووقتها، رأى مؤسس الأتلييه أن فستان البليسيه الأصلي الأبيض ذا الكسرات الحادة الذي صنعته جولي خصيصًا لجلسة التصوير كان عاديًا أكثر من اللازم. وتصر جولي أن ما ينقصه هو لمسة شخصية، ربما بعض رسومات الغرافيتي. وعليه، أمسكت بعبوة من طلاء البخّاخ الوردي المثير في كل يد، وبدأت العمل.

 

ظهر الموضوع للمرة الأولى على صفحات عدد ديسمبر 2023 

 

تصوير Annie Leibovitz

محررة الموضة Tabitha Simmons

تصفيف شعر أنجلينا جولي Massimo Serini

مكياج أنجلينا جولي Lisa Houghton

تصفيف الشعر Shingo Shibata

المكياج Raisa Flowers

إنتاج AL Studio

تصميم خلفيات التصوير Mary Howard

فنانة تزيين الأظافر Yuko Tsuchihashi

الخيّاطتان Carol Ai وEgle Paulaus

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى