هل تؤمنون بالسحر؟ كلمة مانويل أرنو لعدد سبتمبر 2023 من ڤوغ العربية
دعوني أكشف لكم سرًا. في شهر سبتمبر الجاري، كنّا قد خططنا لظهور ممثلة مقيمة في الولايات المتحدة على غلافنا؛ فقد جرت العادة على اعتبار هذا الشهر أهم شهر في السنة لمجلات الموضة، لذا عادةً ما نختار له إحدى النجمات الشهيرات عالميًا أملاً في تعزيز مكانتنا وزيادة انتشار مطبوعتنا. ولكن قبل بضعة أيام من تصوير الغلاف، وبعد أن خططنا وأعددنا العدّة لكل شيء، أتاني خبر إضراب الممثلين في الولايات المتحدة، ومن ثَم تحتّم إلغاء المشروع. وكان أمرًا محبطًا ومضيعةً للوقت، ولكن كما يقول المثل، يجب أن يستمر العرض – وخاصة في عالم الموضة.
بيد أن هذه العثرة الصغيرة على الطريق هيّأت لنا فرصة البدء من نقطة الصفر، بصفحة فارغة تمامًا. وأتعمّد وصفها بالصفحة الفارغة لأننا بحثنا في شهر سبتمبر هذا العام عن الإلهام بين صفحات بعض القصص الخيالية العصيّة على النسيان. وكنتُ دائمًا مفتونًا منذ طفولتي بكتب “سجلات نارنيا” لسي إس لويس و”أليس في بلاد العجائب” للويس كارول. وفي الواقع، اشتريتُ مؤخرًا كتاب تلوين للكبار يعتمد على الرسومات الجميلة التي أبدعها جون تينيل في الأصل عام 1865، والتي تضم أليس، والملكة الحمراء، وكثيرًا من الشخصيات الأخرى التي نحبها جميعًا. وإذا كنتم لا تحبونها بالمثل، فستغيّرون رأيكم حتمًا!
وساعدتنا هذه القصص الساحرة، بأبطالها وأشرارها (لا تفوِّتوا موضوعنا التحريري عن أزياء الأبيض والأسود المستوحاة من شخصية كرويلا دي ڤيل في صفحة xxx) في تصوّر السمات الرئيسية لعدد شهر سبتمبر الذي أردنا فيه إبراز الجانب الأكثر سحرًا ومتعةً وإسرافًا في أحدث مجموعات الأزياء الراقية والجاهزة. وهو ما تمت ترجمته إلى خمسة أغلفة جميلة صُوِّرَت في ثلاث مدن مختلفة، فيما قد يكون أجرأ مشروعاتنا حتى اليوم. ففي يورو ديزني بباريس، أمام قصر الملكة الحمراء تمامًا، تتألق مريم بوقديدة وعواطف السعدي وفرنوش حميديان بأزياء راقية مذهلة. ويبرز هذا الغلافُ الأثرَ المتنامي للعارضات الشرق أوسطيات ويشير أيضًا إلى تأثير العالم العربي في ساحة الموضة العالمية. وفي دبي، التقينا الفنانة الكويتية هيا عبد السلام، نجمة مسلسل نتفليكس الناجح “محامية الشيطان”. وفي القاهرة، حظينا بشرف قضاء يوم مع الفنانة إسعاد يونس، التي تظهر بإطلالة ملكية تمامًا حيث تكلل رأسها قطعة زينة درامية مرصعة بالجواهر لم تراها العيون من قبل. وفي حوارنا الحصري معها، تؤكد إسعاد على أهمية النظر بإيجابية للذات مهما كان العمر. وتعلل الفنانة الأيقونية قائلةً: “لماذا أقول دائمًا إني أجمل “بنت” في مصر؟، لأساعد المرأة على التحرر من القالب الضيق الذي توضع فيه ما إن تبلغ الأربعين من عمرها”.
وكان العملُ على إعداد هذه الأغلفة الخمسة خلال تلك الفترة الوجيزة -ناهيكم عن عدد كامل بنفس مستوى الذوق والروعة- ممتعًا حقًا، رغم أنني قد أكون كاذبًا لو قلت إن الأمر كان سهلاً. وكما قال صانع القبعات المجنون لأليس: “المستحيل هو فقط ما نقنع أنفسنا بأنه كذلك”.
وهذا التحوّل المفاجئ في غلاف عدد سبتمبر جعلني أفكر: لماذا علينا الاعتماد على المشاهير العالميين من أجل إثارة ضجة كبيرة؟ وبينما نعمد في ڤوغ العربية إلى حد بعيد إلى تسليط الضوء على النجوم والمصممين والمبدعين المحليين، فإننا نحقق مبيعات كبيرة وانتشارًا واسعًا عندما تزدان الأغلفة بوجوه نساء مثل شارون ستون وسيندي كروفورد. أواجهُ تحديًّا عند التفكير في ما يمكننا فعله لمواصلة الارتقاء بمنظومة الأزياء والترفيه في المنطقة لدينا، من أجل تقليل الاعتماد على الأسماء العالمية وتحقيق التأثير نفسه من خلال مواهبنا في المنطقة.
وهذا الشهر، علاوة على فك شفرة صيحات الموضة العالمية الرئيسية، نسلّط الضوء أيضًا وبشكل كبير على الأناقة العربية. ومن الموضوعات المفضّلة لدي ملف كبير يضم كوكبة من المصممين الإقليميين الذين التُقِطَت صورهم في قرية أنفه الساحلية بعدسة المصورة اللبنانية لارا زنكول. وتشرّفنا أيضًا بلقاء باقة من أكثر الشخصيات الرائدة في المنطقة العربية، مثل سعادة الشيخة الزين الصباح سفيرة الكويت الجديدة لدى الولايات المتحدة، والشيخ محمد راشد آل ثاني مؤسِّس معهد الفن العربي والإسلامي بنيويورك، علاوة على ثلاث شخصيات أخرى من أفراد العائلات المالكة بالخليج تم تصويرهن وهن يرتدين الثياب والأزياء التراثية من عُمان، والسعودية، والبحرين.
وأخيرًا، أود أن أشكر زميلتنا جينا تادرس على مشاركتها معنا موضوعها الشخصي الزاخر بالمشاعر الجيّاشة عن فقدان زوجها وابنها البالغ من العمر 12 عامًا مؤخرًا؛ ففي الصيف الماضي، تعرّضت جينا وعائلتها لحادث مروّع بسبب زلّاجة مائية سلبها أهم رجلين في حياتها. وكنتُ قد تعرّفتُ على جينا في الأسبوع الأول من وصولي إلى دبي، وعملنا معًا لمدة عامين، وكان مكتبي ومكتبها شبه متجاورين. وأودُ أن أقول إن جينا هي الزميلة الأكثر روعةً على الإطلاق، فهي مفعمة بالحياة وتتمتّع بروح دعابة منقطع النظير. وقد قررتُ أن أطلب من جينا كتابة قصتها الشخصية تكريمًا لعائلتها، وفي الوقت نفسه أكونُ قد منحتها منصة لمواصلة زيادة الوعي بتدابير السلامة أثناء ممارسة الأنشطة التي قد تبدو بريئة مثل الاستمتاع مع أحبائكم ببحر الساحل الشمالي في مصر. وإذا تمكنّا من تجنّب حادث واحد آخر على الأقل، فعندئذ تستحق الصحافةُ التي نؤمن بها النضالَ من أجلها.
الموضوع ظهر للمرة الأولى على صفحات عدد سبتمبر 2023 من المجلة